وعندكم كتاب الله فحسبنا كتاب الله (١).
فهل كان عمر بن الخطاب أحرص من الرسول في تقدير مصلحة الإسلام والمسلمين ... أم ماذا؟ وهل عمر الفاروق أصدق من النبي فيما يخبره صلىاللهعليهوآلهوسلم عن حاله وما نزل به من الموت الذي لا بدّ منه...؟! أليس قوله ذاك تكذيباً للرسول والقرآن ...؟!
والرسول يقول لهم أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً ...
نحن لا نريد أن نناقش هذا الأمر الذي أوقع الأمة في الغط وضجيج ، حتى أزعجوا تبيهم وساءه الذي صدر منهم فأمرهم أن يقوموا من عنده وهو القائل لهم لا ينبغي عندي التنازع.
بل نريد أن نبين خيوط المؤامرة كيف بدأت ، وكيف بدأ الغلو يمهّد لنفسه حتى اتسعت رقعته بين صنوف السذح من الناس من جانب ، وبين أهل البدع والأطماع والأهواء السياسية من جانب آخر.
نعم لقد صدق ابن أبي الحديد لمّا قال :
إن عمر لما علم أن رسول الله قد مات خاف من وقوع فتنة في الإمامة وتغلب أقوام عليها ، إما من الأنصار أو غيرهم وخاف أيضاً من حدوث ردّة ورجوع عن الإسلام ... ثم قال فاقتضت المصلحة عنده تسكين الناس بأن اظهر ما أظهر من كون الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يمت ، وأوقع تلك الشبهة في قلوبهم ... حراسة للدين والدولة أن جاء أبو بكر وكان غائباً بالسنح (٢) ...
__________________
(١) أخرجه البخاري في باب كتابه العلم ١ | ٢٢٠
(٢) شرح النهج لابن أبي الحديد ١ | ١٢٩ ط دار أحياء التراث ، بيروت.