.................................................................................................
______________________________________________________
بها معتبرة وهي أكمل مراتب الإخلاص وإليه أشار الإمام الحق أمير المؤمنين عليهالسلام : ما عبدتك طمعا في جنتك ولا خوفا من نارك ، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك.
وأما غاية الثواب والعقاب فقد قطع الأصحاب بكون العبادة لا يفسد بقصدها (١) وكذا ينبغي أن يكون غاية الحياء والشكر ، وباقي الغايات الظاهر أن قصدها مجز لأن الغرض بها الله في الجملة ، ولا يقدح كون تلك الغايات باعثة على العبادة أعني الطمع والرجاء والشكر والحياء ، لأن الكتاب والسنة مشتملة على المرهبات من الحدود والتعزيرات والذم والإيعاد بالعقوبات ، وعلى المرغبات من المدح والثناء في العاجل ونعيمها في الآجل ، وأما الحياء فغرض مقصود وقد جاء في الخبر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : استحيوا من الله حق الحياء ، أعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، فإنه إذا تخيل الرؤية انبعث على الحياء والتعظيم والمهابة ، وعن أمير المؤمنين عليهالسلام وقد قال له ذعلب اليماني ـ بالذال المعجمة المكسورة والعين المهملة الساكنة ، واللام المكسورة ـ هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين؟ فقال عليهالسلام أفأعبد ما لا أرى؟ فقال : وكيف تراه؟ فقال : لا يدركه العيون بمشاهدة العيان ، ولكن يدركه القلوب بحقائق الإيمان ، قريب من الأشياء غير ملامس ، بعيد منها غير مباين ، متكلم بلا رؤية ، مريد بلا هم ، صانع لا بجارحة ، لطيف لا يوصف بالخفاء ، بصير لا يوصف بالحاسة ، رحيم لا يوصف بالرقة ، تعنو الوجوه لعظمته ، وتجل القلوب من مخافته.
وقد اشتمل هذا الكلام الشريف على أصول صفات الجلال والإكرام التي عليها مدار علم الكلام ، وأفاد أن العبادة تابعة للرؤية ، ويفسر معنى الرؤية وأفاد الإشارة إلى أن قصد التعظيم بالعبادة حسن ، وإن لم يكن تمام الغاية ،
__________________
(١) وفي بعض النسخ « فاسد بقصدها ».