.................................................................................................
______________________________________________________
الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا » (١) قابل المستكبرين بالضعفاء تنبيها على أن استكبارهم كان بما لهم من القوة في البدن والمال « قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا » (٢) فقابل بالمستكبرين المستضعفين « ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى وَهارُونَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ بِآياتِنا فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ » (٣) نبه تعالى بقوله : « فَاسْتَكْبَرُوا » على تكبرهم وإعجابهم بأنفسهم وتعظمهم عن الإصغاء إليه ونبه بقوله : « وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ » على أن الذي حملهم على ذلك هو ما تقدم من جرمهم وأن ذلك لم يكن شيئا حدث منهم ، بل كان ذلك دأبهم قبل « فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ » وقال بعده : « إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ » والتكبر يقال على وجهين أحدهما : أن تكون الأفعال الحسنة كثيرة في الحقيقة وزائدة على محاسن غيره وعلى هذا وصف الله تعالى بالمتكبر ، قال تعالى : « الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ » (٤) الثاني : أن يكون متكلفا لذلك متشبعا وذلك في وصف عامة الناس نحو قوله : « فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ » (٥) وقوله : « كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ » (٦) ومن وصف بالتكبر على الوجه الأول فمحمود ، ومن وصف به على الوجه الثاني فمذموم ، ويدل على أنه قد يصح أن يوصف الإنسان بذلك ولا يكون مذموما قوله تعالى : « سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ » (٧) فجعل المتكبرين بغير الحق مصروفا ، والكبرياء الترفع عن الانقياد ، وذلك لا يستحقه غير الله ، قال تعالى : « وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » (٨) ولما قلنا روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول عن الله تعالى : الكبرياء
__________________
(١) سورة غافر : ٤٧.
(٢) سورة الأعراف : ٧٥.
(٣) سورة يونس : ٧٥.
(٤) سورة الحشر : ٢٣.
(٥) سورة الزمر : ٧٢.
(٦) سورة غافر : ٣٥.
(٧) سورة الأعراف : ١٤٦.
(٨) سورة الجاثية : ٣٧.