والكبر إزاره فمن تناول شيئا منه أكبه الله في جهنم.
٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة
______________________________________________________
الظاهرة فبينهما مناسبة من جهة الظهور ، والكبر بمعنى العظمة وهي صفة حقيقية إذ العظيم قد يتعاظم في نفسه من غير ملاحظة الغير ، فهي أخفى من العزة ، والإزار ثوب خفي لأنه يستر غالبا بغيره فبينهما مناسبة من هذه الجهة.
أقول : ويحتمل أن يراد بالعز إظهار العظمة وبالكبر نفسها ، أو بالعز ما يصل إليه عقول الخلق من كبريائه وبالكبر ما عجز الخلق عن إدراكه ، أو بالعز ما كان بسبب صفاته العلية وبالكبر ما كان بحسب ذاته المقدسة ، والمناسبة على كل من الوجوه ظاهرة « فمن تناول » أي تصرف وأخذ « شيئا منه » الضمير راجع إلى كل من العز والكبر ، والغالب في أكب مطاوع كب يقال كبه فأكب ، وقد يستعمل الكب أيضا متعديا ، في القاموس : كبه قلبه وصرعه كأكبه وكبكبه فأكب ، وهو لازم متعد ، وفي المصباح : كببت زيدا كبا ألقيته على وجهه فأكب هو ، وهو من النوادر التي تعدى ثلاثيها ، وقصر رباعيها ، وفي التنزيل : « فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ » (١) « أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ » (٢).
الحديث الرابع : مجهول والظاهر أنه من معمر بن عمر عن عطاء كما يظهر من كتب الرجال.
وقال بعض المحققين : الإنسان مركب من جوهرين أحدهما أعظم من الآخر ، وهو الروح التي من أمر الرب ، وبينها وبين الرب قرب تام ، لو لا عنان العبودية لقال كل أحد أنا ربكم الأعلى ، فكل أحد يحب الربوبية ولكن يدفعها عن نفسه بالإقرار بالعبودية ، ويطلب باعتبار الجوهر الآخر المركوز فيه القوة الشهوية والغضبية آثار الربوبية وخواصها ، وهي أن يكون فوق كل شيء وأعلى رتبة منه ويغفل عن أن هذا في الحقيقة دعوى الربوبية ، وكذلك كل صفة من الصفات
__________________
(١) سورة النمل : ٩٠.
(٢) سورة الملك : ٢٢.