أربعين كبيرة انكشفت عنه الجنن فيوحي الله إليهم أن استروا عبدي بأجنحتكم فتستره الملائكة بأجنحتها قال فما يدع شيئا من القبيح إلا
______________________________________________________
يقال استجن بجنة أي استتر بسترة ، ذكره الجوهري وغيره ، وكان المراد بالجنن ألطافه سبحانه التي تصير سببا لترك المعاصي وامتناعه فبكل كبيرة سواء كانت من نوع واحد أو أنواع مختلفة يستحق منع لطف من ألطافه ، أو رحماته تعالى وعفوه وغفرانه ، فلا يفضحه الله بها ، فإذا استحق غضب الله سلبت عنه لكن يرحمه سبحانه ويأمر الملائكة بستره ، ولكن ليس سترهم كستر الله تعالى.
أو المراد بالجنن ترك الكبائر فإن تركها موجب لغفران الصغائر عند الله ، وسترها عن الناس ، فإذا عمل بكبيرة لم يتحتم على الله مغفرة صغائره وشرع الناس في تجسس عيوبه ، وهكذا إلى أن يعمل جميع الكبائر وهي أربعون تقريبا ، فيفتضح عند الله وعند الناس بكبائره وصغائره.
أو أراد بالجنن الطاعات التي يوفقه الله تعالى لفعلها بسبب ترك الكبائر ، فكلما أتى بكبيرة سلب التوفيق لبعض الطاعات التي هي مكفرة لذنوبه عند الله ، وساترة لعيوبه عند الناس ، ويؤيده ما ورد عن الصادق عليهالسلام وذلك أن الصلاة ستر وكفارة لما بينها من الذنوب ، فهذه ثلاثة وجوه خطر بالبال على سبيل الإمكان والاحتمال.
والرابع : ما قيل كان الجنن كناية عن نتائج أخلاقه الحسنة ، وثمرات أعماله الصالحة التي تخلق منها الملائكة وأجنحة الملائكة كناية عن معارفه الحقة التي بها يرتقي في الدرجات ، وذلك لأن العمل أسرع زوالا من المعرفة ، وإنما يأخذ في بغض أهل البيت لأنهم الحائلون بينه وبين الذنوب التي صارت محبوبة له ، ومعشوقة لنفسه الخبيثة بمواعظهم ووصاياهم عليهمالسلام.
الخامس : ما قيل أن تلك الجنن أجنحة الملائكة ولا يخفى إباء ما بعده عنه إلا بتكلف تام.