قال كيف أبشر المذنبين وأنذر الصديقين قال يا داود بشر المذنبين أني أقبل التوبة وأعفو عن الذنب وأنذر الصديقين ألا يعجبوا بأعمالهم فإنه ليس عبد أنصبه للحساب إلا هلك
______________________________________________________
بين من يشق ثيابه ، فقال له : وأي الأشياء أقر لعينك؟ قال : النساء هن فخوخي (١) ومصائدي فإني إذا اجتمعت على دعوات الصالحين ولعناتهم صرت إلى النساء فطابت نفسي بهن ، فقال له يحيى عليهالسلام : فما هذه البيضة التي على رأسك؟ قال : بها أتوقى دعوة المؤمنين ، قال : فما هذه الحديدة التي أرى فيها؟ قال : بهذه أقلب قلوب الصالحين ، قال يحيى عليهالسلام : فهل ظفرت بي ساعة قط؟ قال : لا ولكن فيك خصلة تعجبني! قال يحيى : فما هي؟ قال : أنت رجل أكول ، فإذا فطرت أكلت وبشمت (٢) فيمنعك ذلك من بعض صلاتك وقيامك بالليل ، قال يحيى عليهالسلام : فإني أعطى الله عهدا أني لا أشبع من الطعام حتى ألقاه ، قال له إبليس : وأنا أعطي الله عهدا أني لا أنصح مسلما حتى ألقاه ، ثم خرج فما عاد إليه بعد ذلك.
واستحواذ الشيطان على العبد غلبته عليه واستمالته إلى ما يريده منه « أن لا يعجبوا » قيل : أن ناصبة ولا نافية أو أن مفسرة ولا ناهية ، ويعجبوا من باب الأفعال على بناء المجهول أو على بناء المعلوم ، نحو أغد البعير.
وأقول : الأول أظهر « أنصبه » كأضربه أي أقيمه وكونه على بناء الأفعال بمعنى الإتعاب بعيد « إلا هلك » أي استحق العذاب إذ جميع الطاعات لا تفي بشكر نعمة واحدة من نعمه سبحانه مع قطع النظر عن المناقشة في شرائط العبادة ، وفي غالب الناس المقاصة بالمعاصي.
__________________
(١) الفخ : آلة الصيد.
(٢) بشم من الطعام : أتخم.