مال اليتيم ظلما وأكل الربا بعد البينة والتعرب بعد الهجرة وقذف المحصنة والفرار من الزحف فقيل له أرأيت المرتكب للكبيرة يموت عليها أتخرجه من الإيمان وإن عذب بها فيكون عذابه كعذاب المشركين أو له انقطاع قال يخرج من الإسلام إذا زعم أنها حلال ولذلك يعذب أشد العذاب وإن كان
______________________________________________________
لشدة اليأس كما يظهر من الترقي في قوله تعالى : « وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ » (١) بناء على كون المراد يؤس من روح الله قنوط من رحمة الله (٢) ، قال في الكشاف : القنوط أن يظهر عليه أثر اليأس فيتضاءل وينكسر ، وفي النهاية قد تكرر ذكر القنوط في الحديث وهو أشد اليأس من الشيء ، انتهى.
وقال : الرحمة إعطاء المحبوب والروح دفع الشر والمكروه.
« أتخرجه » أي الكبيرة كعذاب المشركين أي في الخلود وعدم الانقطاع « إذا زعم أنها حلال » فيه إيماء إلى أن الكبيرة ما علم تحريمه من الدين ضرورة كالزنا وشرب الخمر وترك الصلاة ، فإن إنكار غير الضروري لا يصير سببا للكفر على المشهور ، فهو مؤيد لقول من قال : أن الكبيرة ما علم تحريمه بدليل قطعي ولا يبعد عن قول من قال بأنه ما أوعد الله عليه النار إن فسر بالوعيد في القرآن فإن الظاهر أن جميع ذلك قد صار تحريمها ضروريا « بأنها كبيرة » أي خطيئة عظيمة لا أنها كبيرة بالمعنى المصطلح ، فإن ذلك مما تحير فيه العلماء كما فسره بقوله وهي عليه حرام ، وفسر الحرام بأنه يعذب عليها أي يمكن أن يعذب عليها إن لم يدركه العفو والرحمة « وأنها غير حلال » تأكيد وتوضيح ، ويمكن أن يكون الواو بمعنى أو في الجميع باعتبار اختلاف الناس في المعرفة فإن العلماء يعلمون أنها كبيرة ، وبعض الناس يعلمون أنه حرام نهى الله عنه ، وبعضهم يذعنون بأنه يعذب عليه قطعا كالوعيدية ، واحتمالا كغيرهم ، لكن الفرق بين قوله وأنها غير حلال
__________________
(١) سورة فصّلت : ٤٩.
(٢) كذا في النسخ.