٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي الحسن موسى عليهالسلام في رجلين يتسابان فقال البادي منهما أظلم ووزره ووزر صاحبه عليه ما لم يتعد المظلوم.
______________________________________________________
اقتدى به ، وفيه ترغيب في ترك مكافأة السفهاء كما قال تعالى : « وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً » (١).
الحديث الثالث : حسن كالصحيح.
« البادي منهما أظلم » أي إن صدر الظلم عن صاحبه أيضا فهو أشد ظلما لابتدائه أو لما كان فعل صاحبه في صورة الظلم أطلق عليه الظلم مجازا « ما لم يتعد المظلوم » سيأتي الخبر في باب السباب باختلاف في أول السند ، وفيه ما لم يعتذر إلى المظلوم ، وعلى ما هنا كان المعنى ما لم يتعد المظلوم ما أبيح له من مقابلته ، فالمراد بوزر صاحبه الوزر التقديري ، ويؤيد ما هنا ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : المتسابان ما قالا فعلى البادي ما لم يعتد المظلوم ، قال الطيبي : أي الذين يشتمان كل منهما الآخر ، و « ما » شرطية أو موصولة ، فعلى البادي ، جزاء أو خبر أي إثم ما قالا على البادي إذا لم يعتد المظلوم ، فإذا تعدى يكون عليهما ، انتهى.
وقال الراوندي (ره) في شرح هذا الخبر في ضرير الشهاب : السب الشتم القبيح وسميت الإصبع التي تلي الإبهام سبابة لإشارتها بالسب كما سميت مسبحة لتحريكها في التسبيح ، يقول صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن ما يتكلم به المتسابان ترجع عقوبته على البادي ، لأنه السبب في ذلك ، ولو لم يفعل لم يكن ، ولذلك قيل : البادي أظلم والذي يجيب ليس بملوم كل الملامة ، كما قال تعالى : « وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ » (٢) على أن الواجب على المشتوم أن يحتمل ويحلم ولا يطفئ النار بالنار ، فإن النارين إذا اجتمعا كان أقوى لهما فيقول تغليظا لأمر
__________________
(١) سورة الفرقان : ٦٣.
(٢) سورة الشورى : ٤١.