.................................................................................................
______________________________________________________
الشاتم أن ما يجري بينهما من التشاتم عقوبته تركب البادي لكونه سببا لذلك ، هذا إذا لم يتجاوز المظلوم حده في الجواب ، فإذا تجاوز وتعدى كانا شريكين في الوزر والوبال ، والكلام وارد مورد التغليظ وإلا فالمشتوم ينبغي أن لا يجيب ولا يزيد في الشر ولا تكون عقوبة فعل المشتوم على الشاتم ، إن للشاتم في فعله أيضا نصيبا من حيث كان سببه ، وإلا فكل مأخوذ بفعله ، انتهى.
وأقول : الحاصل أن أثم سباب المتسابين على البادي ، أما إثم ابتدائه فلان السب حرام وفسق لحديث سباب المؤمن فسق ، وقتاله كفر ، وأما إثم سب الراد فلأن البادي هو الحامل له على الرد ، وإن كان منتصرا فلا إثم على المنتصر ، لقوله تعالى : « وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ » الآية ، لكن الصادر منه هو سب يترتب عليه الإثم ، إلا أن الشرع أسقط عنه المؤاخذة ، وجعلها على البادي للعلة المتقدمة ، وإنما أسقطها منه ما لم يتعد فإن تعدى كان هو البادي في القدر الزائد ، والتعدي بالرد قد يكون بالتكرار مثل أن يقول البادي يا كلب ، فيرد عليه مرتين ، وقد يكون بالأفحش كما لو قال له : يا سنور ، فيقول في الرد : يا كلب ، وإنما كان هذا تعديا لأن الرد بمنزلة القصاص ، والقصاص إنما يكون بالمثل ، ثم الراد أسقط حقه على البادي ، ويبقى على البادي حق الله لقدومه على ذلك.
ولا يبعد تخصيص تحمل البادي إثم الراد بما إذا لم يكن الرد كذبا والأول قذفا فإنه إذا كان الرد كذبا مثل أن يقول البادي : يا سارق وهو صادق فيقول الراد : بل أنت سارق وهو كاذب ، أو يكون الأول قذفا مثل أن يقول البادي يا زاني فيقول الراد : بل أنت الزاني ، فالظاهر أن إثم الرد على الراد ، وبالجملة إنما يكون الانتصار إذا كان السب مما تعارف السب به عند التأديب كالأحمق