غلاما ثلاث سنين فلما رأى أن الله لا يجيبه قال يا رب أبعيد أنا منك فلا تسمعني أم قريب أنت مني فلا تجيبني قال فأتاه آت في منامه فقال إنك تدعو الله عز وجل منذ ثلاث سنين بلسان بذيء وقلب عات غير تقي ونية غير صادقة فاقلع عن بذائك وليتق الله قلبك ولتحسن نيتك قال ففعل الرجل ذلك ثم دعا الله فولد له غلام.
______________________________________________________
أنه اعتقد أن الله جسم له مكان حتى يكون كافرا ، ويكون سببية هذا لعدم الإجابة أقرب من سببية تلك الصفات ، بل لأنه قد يجري مثل ذلك على اللسان عند الاضطرار من غير قصد إلى ما يستلزمه ، فالسماع وعدمه أيضا بمعناهما ، ويمكن أن يكون المراد القرب والبعد المعنويين ، وبعدم السماع عدم الالتفات المبتني على عدم الرضا ، وبعدم الإجابة التأخير الذي سببه المصلحة مع الرضا ، وإنما نسب القرب إليه تعالى والبعد إلى نفسه للتنبيه على أن البعد إذا تحقق كان من جانب العبد ، والقرب إن تحقق كان من فضله عز وجل ، لأن العبد وإن بلغ الغاية في إخلاص العبودية كان مقصرا ولا يستحق الثواب والقرب إلا بفضله وكرمه ، والبذي على فعيل : الفحاش ، وفي المغرب العاتي الجبار الذي جاوز الحد في الاستكبار ، والتقوى التنزه من رذائل الأعمال والأخلاق ، بل عما يشغل القلب عن الحق ، والنية الصادقة توجه القلب إلى الله سبحانه وحده ، وانبعاث النفس نحو الطاعة غير ملحوظ فيه ، سوى وجه الله ، وما في هذا الخبر أحد الوجوه في دفع شبهة وعده سبحانه الاستجابة مع تخلفها في كثير من الموارد.
والحاصل أن الوعد مشروط بشروط : منها : اجتناب المعاصي وبعض الأخلاق الرذيلة والإخلاص في النية ، فإن قلت : هذا ينافي ما ورد في بعض الأخبار من أن دعاء الفاسق أسرع إجابة لكراهة استماع صوته؟ قلت : يحتمل أن لا تكون سرعة الإجابة كلية ، أو يقال سرعة الإجابة مختصة بمن كان مبغوضا لذاته ، وأما من كان محبوبا بذاته ومبغوضا بفعله فربما تبطئ الإجابة نظرا إلى الأول ، وربما تسرع نظرا