.................................................................................................
______________________________________________________
وقال (ره) في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : عجبا للمؤمن ، عجبا مصدر فعل محذوف ، أي عجبت عجبا.
وأقول : هذا الخبر وأمثاله نسخ أدوية من الحكماء الربانية لمعالجة أعظم الأدواء الروحانية وهو الفخر المترتب على الكبر ، وحاصلها أن في الإنسان كثير من صفات النقصان ، وإن كان فيه كمال فمن رب الإنس والجان ، فلا يليق به أن يفتخر على غيره من الإخوان ، وفيها إشعار بأن دفع هذا المرض باختياره وعلاجه مركب من أجزاء علمية وعملية ، فأما العلمية فبأن يعرف الله سبحانه بجلاله ويوحده في ذاته وصفاته وأفعاله وأن يعلم أن كل موجود سواه مقهور مغلوب عاجز لا وجود له إلا بفيض وجوده ورحمته وأن الإنسان مخلوق من أكثف الأشياء وأخسها وهو التراب ، ثم النطفة النجسة القذرة ثم العلقة ثم المضغة ثم العظام ثم الجنين الذي غذاؤه دم الحيض ، ثم يصير في القبر جيفة منتنة يهرب منه أقرب الناس إليه ، وهو فيما بين ذلك ينقلب من طور إلى طور ومن حال إلى حال ، من مرض إلى صحة ، ومن صحة إلى مرض إلى غير ذلك من الأحوال المتبادلة ، وهو لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا حياة ولا نشورا.
وإلى هذا أشار صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : وهو فيما بين ذلك ما يدري ما يصنع به ثم لا يعلم ما يأتي عليه في البرزخ والقيامة ، كما ذكر سابقا في باب الكبر.
وأنه يعلم أن استكمال كل شيء سواء كان طبيعيا أو إراديا لا يتحقق إلا بالانكسار والضعف ، فإن العناصر ما لم تنكسر صورة كيفياتها الصرفة لم تقبل صورة كمالية معدنية أو حيوانية أو إنسانية ، والبذر ما لم يقع في التراب ولم يقرب من التعفن والفساد لم يقبل صورة نباتية ولم تخرج منه سنبلة ولا ثمر ، وماء الظهر ما لم يصر منيا منتنا لم تفض عليها صورة إنسانية قابلة للخلافة الربانية.