الخطر في الطرقات وأبغض الكذب في غير الإصلاح إن إبراهيم عليهالسلام إنما قال : « بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا » إرادة الإصلاح ودلالة على أنهم لا يفعلون وقال يوسف عليهالسلام إرادة الإصلاح.
______________________________________________________
يخطر بسيفه أي يهزه معجبا بنفسه متعرضا للمبارزة ، أو أنه كان يخطر في مشيته أي يتمايل ويمشي مشية المعجب ، وسيفه في يده أي كان يخطر سيفه معه.
« إرادة الإصلاح » لعل المراد إرادة إصلاح قومه برجوعهم عن عبادة الأصنام ، وجه الدلالة أن العاقل إذا تفكر في نسبة الكسر إليها وعلم أنه لا يصح ذلك إلا من ذي شعور عاقل قادر ، وعلم أن هذه الأوصاف منتفية فيها ، وعلم أنها لا تقدر على دفع الاستخفاف والضرر عن أنفسها علم أنها ليست بمستحقة للألوهية والعبادة ويكون ذلك داعيا إلى الرجوع عنها ورفض العبادة لها.
وللعلماء فيه وجوه أخرى : الأول : أنها من المعاريض التي يقصد بها الحق وإلزام الخصم وتبكيته فلم يكن قصده عليهالسلام أن ينسب الفعل الصادر عنه إلى الصنم وإنما قصد أن يقرره لنفسه على أسلوب تعريضي مع الاستهزاء والتكبيت كما لو قال لك من لا يحسن الخط فيما كتبته بخط رشيق : أنت كتبت؟ فقلت : بل كتبته أنت ، كان قصدك بهذا الجواب تقريره لك مع الاستهزاء به لا نفيه عنك وإثباته لصاحبك الأمي ، والتعريض مما يجوز عقلا ونقلا لمصلحة جلب نفع أو دفع ضرر أو استهزاء في موضعه ونحوها.
الثاني : أنه عليهالسلام غاظته الأصنام حين رآها مصطفة مزينة وكان غيظ كبيرها أشد لما رأى من زيادة تعظيمهم وتوقيرهم له ، فأسند الفعل إليه لأنه هو السبب في استهانته وكسره لها ، والفعل كما يسند إلى المباشر يسند إلى السبب أيضا.
الثالث : أن ذلك حكاية لما يعود إليه مذهبهم كأنه قال : ما تنكرون أن يفعله كبيرهم فإن من حق من يعبد ويدعي إليها أن يقدر على أمثال هذه الأفعال لا سيما الكبير الذي يستنكف أن يعبد معه هذه الصغار.