.................................................................................................
______________________________________________________
ويغرم مما سرق فلم يتمكن من أخذ أخيه في دين الملك فلذلك أمر فتيانه بأن يدسوا الصاع في رحل أخيه وأن ينسبوا السرقة إليه ، وأن يستفتوا في جزاء السارق منهم فقالوا : « جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ » أي أخذ السارق نفسه هو جزاؤه لا غير ، فلما فتشوا وجدوا الصاع في رحل أخيه فأخذوا برقبته وحكموا برقيته ، ولم يبق لإخوته محل منازعة في حبسه إلا أن قالوا على سبيل التضرع والالتماس « فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ » فردهم بقوله : « مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ ».
قيل : أراد إنا إذا أخذنا غيره لظالمون في مذهبكم ، لأن استعباد غير من وجد الصاع في رحله ظلم عندكم ، أو أراد أن الله أمر بي وأوحى إلى أن آخذ بنيامين فلو أخذت غيره كنت عاملا بخلاف الوحي.
وللعلماء فيه أيضا وجوه أخرى : الأول : أن ذلك النداء لم يكن بأمره بل نادوا من عند أنفسهم لأنهم لما لم يجدوا الصاع غلب على ظنهم أنهم أخذوه.
الثاني : أنهم لم ينادوا أنكم سرقتم الصاع فلعل المراد أنكم سرقتم يوسف من أبيه ، يدل عليه ما رواه الصدوق في العلل بإسناده عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال في تفسير هذه الآية : أنهم سرقوا يوسف من أبيه ألا ترى أنهم حين قالوا « ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ » ولم يقولوا سرقتم صواع الملك.
الثالث : لعل المراد من قولهم « إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ » الاستفهام كما في قوله حكاية عن إبراهيم « هذا رَبِّي » وإن كان ظاهره الخبر وأيد ذلك بأن في مصحف ابن مسعود أئنكم بالهمزتين.
وقال بعض الأفاضل : حاصل الجواب إن لكل من الصدق والكذب معنيين أحدهما لغوي والآخر عرفي ، فالأول هو الموافق للواقع والمخالف للواقع ، والثاني الموافق للحق والمخالف للحق ، والمراد بالحق رضا الله تعالى فكما يمكن أن لا