٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن أسباط ، عن عبد الرحمن بن حماد رفعه قال قال الله تبارك وتعالى لعيسى ابن مريم عليهالسلام يا عيسى ليكن لسانك في السر والعلانية لسانا واحدا وكذلك قلبك إني أحذرك نفسك وكفى بي خبيرا
______________________________________________________
الحديث الثالث : مرفوع.
« لسانا واحدا » أي لا تقول في الأحوال المختلفة شيئين مختلفين للأغراض الباطلة فيشمل الرياء والفتاوى المختلفة وما مر ذكره « وكذلك قلبك » أي ليكن باطن قلبك موافقا لظاهرة إذ ربما يكون الشيء كامنا في القلب يغفل عنه نفسه كحب الدنيا فينخدع ويظن أنه لا يحبها وأشباه ذلك ، ثم يظهر له ذلك في الآخرة بعد كشف الحجب الظلمانية النفسانية أو في الدنيا أيضا بعد المجاهدة والتفكر في خدع النفس وتسويلاتها ، ولذا قال سبحانه بعده : « إني أحذرك نفسك » وقد قال : « بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ » (١) ويحتمل أن يكون المعنى : وكذلك ينبغي أن يكون قلبك موافقا للسانك ، فلا تقول ما ليس فيه ، أو المعنى أنه كما يجب أن يكون القول باللسان واحدا يجب أن يكون اعتقاد القلب واحدا واصلا إلى حد اليقين ويطمئن قلبه بالحق ، ولا يتزلزل بالشبهات فيعتقد اليوم شيئا وغدا نقيضه ، ويجب أن تكون عقائد القلب متوافقة متناسبة لا كقلوب أهل الضلال والجهال ، فإنهم يعتقدون الضدين والنقيضين لتشعب أهوائهم وتفرق آراء من حيث لا يشعرون كاعتقادهم بأفضلية أمير المؤمنين وتقديمهم الجهال عليه ، واعتقادهم بعدله تعالى وحكمهم بأن الكفر وجميع المعاصي من فعله ، ويعذبهم عليها ، واعتقادهم بوجوب طاعة من جوزوا فسقه وكفره وأمثال ذلك كثيرة.
أو المعنى أن المقصود الحقيقي والغرض الأصلي للقلب لا يكون إلا واحدا ولا تجتمع فيه محبتان متضادتان كحب الدنيا وحب الآخرة ، وحب الله وحب معاصيه والشهوات التي نهى عنها ، فمن اعتقد أنه يحب الله تعالى ويتبع الهوى
__________________
(١) سورة الأنعام : ٢٨.