.................................................................................................
______________________________________________________
في فم لسانان ، ولا في غمد سيفان ، فكذلك لا يكون في صدر قلبان ، ويحتمل أن يكون اللسان لما مر في ذي اللسانين.
وأما قوله : فكذلك الأذهان ، فالفرق بينهما وبين القلب مشكل ، ويمكن أن يكون القلب للحب والعزم ، والذهن للاعتقاد والجزم ، أي لا يجتمع في القلب حب الله وحب ما ينافي حبه سبحانه من حب الدنيا وغيرها ، وكذلك لا يجتمع الجزم بوجوده تعالى وصفاته المقدسة وسائر العقائد الحقة ، مع ما ينافيه من العقائد الباطلة ، والشكوك والشبهات في ذهن واحد ، كما أشرنا إليه سابقا.
وقيل : يعني كما أن الظاهر من هذه الأجسام لا يصلح تعددها في محل واحد ، كذلك باطن الإنسان الذي هو ذهنه وحقيقته لا يصلح أن يكون ذا قولين مختلفين ، أو عقيدتين متضادتين ، وقيل : الذهن الذكاء والفطنة ، ولعل المراد هنا التفكر في الأمور الحقة النافعة ومباديها ، وكيفية الوصول إليها.
وبالجملة أمره بأن يكون لسانه واحدا وقلبه واحدا وذهنه واحدا ومطلبه واحدا ولما كان سبب التعدد والاختلاف أمرين : أحدهما تسويل النفس ، والآخر الغفلة عن عقوبة الله ، عقبه بتحذيرها ، وربما يقرأ بالدال المهملة من المداهنة في الدين ، كما قال تعالى : « أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ » (١) وقال : « وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ » (٢) وهذا تصحيف وتحريف مخالف للنسخ المضبوطة.
__________________
(١) سورة الواقعة : ٨١.
(٢) سورة القلم : ٩.