.................................................................................................
______________________________________________________
آخر من يدخل الجنة ، وإن لم يتب فهو أول من يدخل النار.
وروي أن عيسى عليهالسلام مر والحواريون على جيفة كلب ، فقال الحواريون :
ما أنتن ريح هذا؟ فقال عيسى عليهالسلام : ما أشد بياض أسنانه ، كأنه ينهاهم عليهالسلام عن غيبة الكلب وينبههم على أنه لا يذكر من خلق الله إلا أحسنه.
وقيل في تفسير قوله تعالى : « وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ » الهمزة الطعان في الناس واللمزة الذي يأكل لحوم الناس.
وقال بعضهم : أدركنا السلف لا يرون العبادة في الصوم ولا في الصلاة ، ولكن في الكف عن أعراض الناس.
واعلم أن السبب الموجب للتشديد في أمر الغيبة وجعلها أعظم من كثير من المعاصي الكثيرة هو اشتمالها على المفاسد الكلية المنافية لغرض الحكيم سبحانه ، بخلاف باقي المعاصي ، فإنها مستلزمة لمفاسد جزئية ، بيان ذلك أن المقاصد المهمة للشارع اجتماع النفوس على هم واحد وطريقة واحدة ، وهي سلوك سبيل الله بسائر وجوه الأوامر والنواهي ، ولا يتم ذلك إلا بالتعاون والتعاضد بين أبناء النوع الإنساني وذلك يتوقف على اجتماع هممهم وتصافي بواطنهم واجتماعهم على الألفة والمحبة حتى يكونوا بمنزلة عبد واحد في طاعة مولاه ، ولن يتم ذلك إلا بنفي الضغائن والأحقاد والحسد ونحوه ، وكانت الغيبة من كل منهم لأخيه مثيرة لضغنه ومستدعية منه لمثلها في حقه لا جرم ، وكانت ضد المقصود الكلي للشارع ، وكانت مفسدة كلية ولذلك أكثر الله ورسوله النهي عنها والوعيد عليها وبالله التوفيق.
ثم قال قدسسره في ذكر أقسامها : لما عرفت أن المراد منها ذكر أخيك بما يكرهه منه لو بلغه ، أو الإعلام به أو التنبيه عليه كان ذلك شاملا لما يتعلق بنقصان في بدنه أو نسبه أو خلقه أو فعله أو قوله أو دينه أو دنياه ، حتى في ثوبه وداره.