غير هذا أبين منه ذلك قول الله عز وجل ] : « وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ » (١) هو الذي فارقه.
١٨ ـ يونس ، عن ابن بكير ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال « إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ » (٢) الكبائر فما سواها
______________________________________________________
والمعادن فحذف المضاف لتقدم ذكره « وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ » أي ولا تقصدوا الردى « مِنْهُ » أي من المال أو مما أخرجنا ، وتخصيصه بذلك لأن التفاوت فيه أكثر « تُنْفِقُونَ » حال مقدرة من فاعل تيمموا ويجوز أن يتعلق به « منه » ويكون الضمير للخبيث ، والجملة حالا منه ، وروي عن ابن عباس أنهم كانوا يتصدقون بحشف التمر وشراره (٣) فنهوا عنه.
وأما التشبيه فيحتمل وجوها :
الأول : ما خطر بالبال أن الأعمال الصالحة إنفاق من النفس ، وإذا فارقها روح الإيمان بسبب الأعمال السيئة صارت خبيثة ، فالمعنى طهروا أنفسكم بترك المعاصي حتى يرد إليها روح الإيمان ثم استعملوها في الأعمال الصالحة حتى تقبل منكم كما قال تعالى : « إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ » (٤) فيكون من بطون الآية ، ولا ينافي ظاهرها.
الثاني : ما قيل : أن الإيمان يصير خبيثا كالمال الرديء.
الثالث : ما قيل : إن وجه المماثلة إن أيمان الزاني ناقص لا أنه معدوم بكله كما أن النفاق من المال الخبيث ناقص لا أنه ليس بإنفاق أصلا ، والكل لا يخلو من تكلف.
الحديث الثامن عشر : موثق كالصحيح.
« إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ » كان المراد بالشرك الإخلال بكل من العقائد
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٥٣.
(٢) سورة النساء : ٤٨.
(٣) الحشف : اردأ التمر او اليابس الفاسد منه.
(٤) سورة المائدة : ٢٧.