.................................................................................................
______________________________________________________
الثالثة : أن يكون قصد الثواب وقصد الرياء متساويين بحيث لو كان كل واحد خاليا عن الآخر لم يبعثه على العمل ، فلما اجتمعا انبعثت الرغبة فكان كل واحد لو انفرد لا يستقل بحمله على العمل ، فهذا قد أفسد مثل ما أصلح فنرجو أن يسلم رأسا برأس لا له ولا عليه ، أو يكون له من الثواب مثل ما كان عليه من العقاب ، وظواهر الأخبار تدل على أنه لا يسلم.
الرابعة : أن يكون اطلاع الناس مرجحا ومقويا لنشاطه ، ولو لم يكن لكان لا يترك العبادة ولو كان قصد الرياء وحده لما أقدم ، والذي نظنه والعلم عند الله أنه لا يحبط أصل الثواب ، ولكنه ينقص منه ، أو يعاقب على مقدار قصد الرياء ويثاب على مقدار قصد الثواب ، وأما قوله تعالى : أنا أغنى الأغنياء عن الشرك ، فهو محمول على ما إذا تساوى القصدان أو كان الرياء أرجح.
الركن الثاني : المرايا به وهو الطاعات ، وذلك ينقسم إلى الرياء بأصول العبادات وإلى الرياء بأوصافها ، القسم الأول وهو الأغلظ الرياء بالأصول وهو على ثلاث درجات.
الأولى : الرياء بأصل الإيمان وهو أغلظ أبواب الرياء ، وصاحبه مخلد في النار وهو الذي يظهر كلمتي الشهادة وباطنه مشحون بالتكذيب ، ولكنه يرائي بظاهر الإسلام ، وهم المنافقون الذين ذمهم الله سبحانه في مواضع كثيرة ، وقد قال : « يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً » (١).
وكان النفاق في ابتداء الإسلام ممن يدخل في ظاهر الإسلام ابتداء لغرض وذلك مما يقل في زماننا ، ولكن يكثر نفاق من ينسل من الدين باطنا فيجحد الجنة والنار والدار الآخرة ميلا إلى قول الملحدة ، أو يعتقد طي بساط الشرع
__________________
(١) سورة النساء : ١٤٢.