.................................................................................................
______________________________________________________
لأن الأعمال بالنيات ، وهذا ليس بقصد العبادة ، ثم لا يقتصر على إحباط عبادته حتى يقول صار كما كان قبل العبادة ، بل يعصي بذلك ويأثم لما دلت عليه الأخبار والآيات والمعنى فيه أمران ، أحدهما يتعلق بالعبادة ، وهو التلبيس والمكر لأنه خيل إليهم أنه مخلص مطيع لله وأنه من أهل الدين ، وليس كذلك والتلبيس في أمر الدنيا أيضا حرام حتى لو قضى دين جماعة وخيل إلى الناس أنه متبرع عليهم ليعتقدوا سخاوته أثم بذلك لما فيه من التلبيس وتملك القلوب بالخداع والمكر ، والثاني يتعلق بالله وهو أنه مهما قصد بعبادة الله خلق الله فهو مستهزئ بالله ، فهذا من كبائر المهلكات ، ولهذا سماه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الشرك الأصغر فلو لم يكن في الرياء إلا أنه يسجد ويركع لغير الله لكان فيه كفاية ، فإنه إذا لم يقصد التقرب إلى الله فقد قصد غير الله ، لعمري لو قصد غير الله بالسجود لكفر كفرا جليا إلا أن الرياء هو الكفر الخفي.
واعلم أن بعض أبواب الرياء أشد وأغلظ من بعض ، واختلافه باختلاف أركانه وتفاوت الدرجات فيه ، وأركانه ثلاثة المرايا به والمرايا ونفس قصد الرياء ، الركن الأول نفس قصد الرياء وذلك لا يخلو إما أن يكون مجردا دون إرادة الله والثواب ، فإن كان كذلك فلا يخلو إما أن يكون إرادة الثواب أقوى وأغلب أو أضعف أو مساويا لإرادة العبادة ، فيكون الدرجات أربعا.
الأولى : وهو أغلظها أن لا يكون مراده الثواب أصلا كالذي يصلي بين أظهر الناس ، ولو انفرد لكان لا يصلي فهذه الدرجة العليا من الرياء.
الثانية : أن يكون له قصد الثواب أيضا ولكن قصدا ضعيفا بحيث لو كان في في الخلوة لكان لا يفعله ، ولا يحمله ذلك القصد على العمل ، ولو لم يكن الثواب لكان قصد الرياء يحمله على العمل فهذا قريب مما قبله.