في كتاب الله عزوجل قال الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه.
فمنها كفر الجحود والجحود على وجهين والكفر بترك ما أمر الله وكفر البراءة وكفر النعم.
فأما كفر الجحود فهو الجحود بالربوبية وهو قول من يقول لا رب ولا جنة ولا نار وهو قول صنفين من الزنادقة يقال لهم الدهرية وهم الذين يقولون
______________________________________________________
جزء آخر في باب السبق إلى الإيمان ولما سأله عليهالسلام عن أجزاء الإيمان وزيادته ونقصانه ومنازله ودرجاته سأله عن معاني الكفر ووجوهه ، فبين عليهالسلام أن الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه وجهان منها يرجع إلى الجحود ، وقوله : فهو الجحود بالربوبية لما كان الجحود في اللغة مطلق الإنكار ، وكان المراد به هيهنا إنكار ما يتعلق بالربوبية أعني ما جاء من قبل الرب تعالى فسره عليهالسلام بذلك وخصه به كما قيل.
وأقول : إنما كان هذا جحدا للربوبية لأن ربيته سبحانه يقتضي التكليف والثواب والعقاب ، فهؤلاء إما ينكرون وجوده سبحانه أو ربيته ، وكان المراد بالصنفين صنف أنكروا المبدأ والمعاد معا ، وهم الملاحدة ، وصنف أثبتوا المبدأ وأنكروا المعاد كبعض الفلاسفة حيث أنكروا المعاد وقالوا بقدم العالم وأبديته ، وكفار مكة الذين ذكرهم الله في تلك الآية ، وهم الذين يقولون « وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ » زعموا أن تولد الأشخاص وتكون الممتزجات وفسادها وحياتها وموتها مستندة إلى الدهر ، وحركات الأفلاك وتأثيرات الكواكب ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى القائلين بالتناسخ والقائلين ببطلان الجسد والروح بالكلية ، أو القائلين بالطبيعة والقائلين بالدهر ، وقيل : صنف طلبوا لهذا العالم سببا فأحالوه على الطبع الذي هو صفة جسمانية خالية عن العلم والإدراك ، وصنف لم يطلبوا له سببا بل اشتغلوا بأنفسهم وعاشوا عيش البهائم.
قال الله تعالى : « إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ » ، أن ذلك بفتح الهمزة وتشديد النون متعلق بيظنون.