يوم القيامة : « إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ » (١) وقال « إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً » (٢) يعني يتبرأ بعضكم من بعض.
______________________________________________________
وقيل : لعله عليهالسلام إنما لم يذكر كفر النفاق في هذا الحديث لأنه جعل النفاق قسيما للكفر لا قسما منه لأن فيه إذعانا ، ويؤيده قوله سبحانه : « يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ » حيث عطف أحدهما على الآخر.
تأييد
قال الراغب في مفرداته : الكفر في اللغة ستر الشيء ، ووصف الليل بالكافر لستره الأشخاص ، والزارع لستره البذر في الأرض ، وليس ذلك باسم لهما ، والكافور اسم أكمام الثمرة التي تكفرها ، وكفر النعمة وكفرانها سترها بترك أداء شكرها قال عز وجل : « فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ » (٣) وأعظم الكفر جحود الوحدانية أو النبوة أو الشريعة ، والكفران في جحود النعمة أكثر استعمالا ، والكفر في الدين أكثر ، والكفور فيهما جميعا ، قال تعالى : « فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً » (٤) « فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً » (٥) ويقال منهما كفر فهو كافر ، قال في الكفران : « لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ » (٦) وقال تعالى : « وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ » (٧) وقوله : « وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ » (٨) أي تحريت كفران نعمتي ، وقال : « لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ » (٩).
ولماكان الكفران يقتضي جحود النعمة صار يستعمل في الجحود ، قال تعالى
__________________
(١) سورة إبراهيم : ٢٢.
(٢) سورة العنكبوت : ٢٥.
(٣) سورة الأنبياء : ٩٤.
(٤) سورة الفرقان : ٥٠.
(٥) سورة الإسراء : ٩٩.
(٦) سورة النمل : ٤٠.
(٧) سورة البقرة : ١٥٢.
(٨) سورة الشعراء : ١٩.
(٩) سورة إبراهيم : ٧.