والوجه الخامس من الكفر كفر البراءة وذلك قوله عز وجل يحكي قول إبراهيم عليهالسلام « كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ » (١) يعني تبرأنا منكم وقال يذكر إبليس وتبرئته من أوليائه من الإنس
______________________________________________________
الْحَياةِ الدُّنْيا » « جزية تضرب عليه يذل بها » « وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ » إلى جنس أشد العذاب ، يتفاوت ذلك على قدر تفاوت معاصيهم « وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ » أي يعمل هؤلاء اليهود.
ثم قال عليهالسلام : فقال رسول الله : لما نزلت هذه الآية في اليهود ، هؤلاء اليهود نقضوا عهد الله وكذبوا رسول الله ، وقتلوا أولياء الله أفلا أنبؤكم بمن يضاهيهم من يهود هذه الأمة؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : قوم من أمتي ينتحلون بأنهم من أهل ملتي يقتلون أفاضل ذريتي وأطايب أمتي ويبدلون شريعتي وسنتي ، ويقتلون ولدي الحسن والحسين كما قتل أسلاف هؤلاء اليهود زكريا ويحيى ، ألا وإن الله يلعنهم كما لعنهم ، ويبعث على بقايا ذراريهم قبل يوم القيامة هاديا مهديا من ولد الحسين عليهالسلام المظلوم يحرقهم بسيوف أوليائه إلى نار جهنم ، إلى آخر الخبر.
وقال علي بن إبراهيم : أنها نزلت في أبي ذر رضياللهعنه وفيما فعل به عثمان من إخراجه إلى الربذة وغير ذلك مما أجرى من الظلم عليه ، واعترف بأنه لو وجده أسيرا في أيدي المشركين فداه بجميع ماله ، فصار مصداق هذه الآية ، والقصة طويلة وسيأتي في المحل المناسب لها إن شاء الله.
« يعني تبرأنا منكم » وقد يفرق بين العداوة والبغض بأن العداوة يظهر أثرها بخلاف البغض ، أو بأن البغض أشد من العداوة ، وفي المصباح البغضة بالكسر والبغضاء شدة البغض « مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً » قد دلت الأخبار الكثيرة على أن أئمة الكفر والضلالة داخلة فيهم ، والآيات المذكورة صريحة في أن الكفر يطلق على البراءة ، وأن كفر البراءة كما يكون بين المؤمن والكافر كذلك يكون بين الكافرين
__________________
(١) سورة الممتحنة : ٤.