فالهوى على أربع شعب على البغي والعدوان والشهوة والطغيان ـ فمن بغى كثرت غوائله وتخلي منه وقصر عليه ومن اعتدى لم يؤمن بوائقه ولم يسلم قلبه ولم يملك نفسه عن الشهوات ومن لم يعذل نفسه في الشهوات خاض في الخبيثات ومن طغى
______________________________________________________
فإذا رابه شيء دفع التراب برأسه وخرج ، فظاهر جحرة تراب وباطنه خفر ، وكذا المنافق ظاهره إيمان وباطنه كفر ، ويخرج من الإيمان من غير الوجه الذي دخل فيه.
« على الهوى والهوينا » قد مر تفسير الهوى وقيل : إنه ميل النفس إلى مقتضى طباعها وخروجها عن حدود الله عز وجل ، وهو أشد جاذب عن قصد الحق وأعظم ساد عن سلوك سبيله وأقوى باعث على سلوك سبيل النفاق ، وقال في النهاية : الهوينا تصغير الهونى تأنيث الأهون ، وهو من الهون الرفق واللين والتثبت ، انتهى.
والمراد هنا التهاون في أمر الدين وترك الاهتمام فيه كما هو طريقة المتقين ، وقيل : هي الفتنة الصغرى التي تجر إلى الكبرى ، والفتن تترتب كبراها على صغراها ، والمؤمن يترك الصغرى فضلا عن الكبرى ، وقال الجوهري : الحفيظة الغضب والحمية ، وقال : بغى عليه بغيا علا وظلم واستطال وكذب وفي مشيه اختال ، وقال : العدوان الظلم الصراح ، وقد عدا عليه وتعدى عليه واعتدى كله بمعنى ، والتعدي مجاوزة الشيء إلى غيره ، وقال : طغا يطغى ويطغو طغيانا : جاوز الحد ، وقال : فلان قليل الغائلة والمغالة أي الشر ، والغوائل الدواهي « وتخلي » على بناء المجهول ، « ومنه » نائب مناب الفاعل ، وكذا « قصر » و « عليه » يقال : تخلى منه وعنه تركه ، أي يخليه الله مع الشيطان وغلب عليه ، لسلب توفيق الله منه ، والبوائق الدواهي والشرور « ولم يسلم قلبه » على بناء المجرد ، أي من الآفات والأمراض النفسانية.
« ومن لم يعذل نفسه » في المصباح عذلته عذلا من بابي ضرب وقتل لمته ، فاعتذل ، أي لام نفسه ورجع ، انتهى.