ضل على عمد بلا حجة.
والهوينا على أربع شعب على الغرة والأمل والهيبة والمماطلة وذلك
______________________________________________________
وفي بعض النسخ بالدال المهملة ، فهو على بناء التفعيل ، وتعديله هو أن تقتصر على الحلال ولم تتجاوز إلى الحرام ، والأول أكثر وأظهر ، وفي « ل » ومن لم يعزل نفسه عن الشهوات بالزاي ، وله وجه خاص أي دخل في الخبيثات أي الخصال الدنية والأفعال الرديئة. « ومن طغى » أي جاوز حده وادعى ما لم يكن له ولم يتصف به ، وقيل : ارتكب الكبائر وأصر عليها ، والأول أظهر « ضل على عمد » لأنه عارف بنفسه بلا حجة له عند الله والغرة بالكسر الغفلة ، وهي هنا الغفلة عن ربه وعن عدوه الأكبر ، وعما خلق لأجله ، وعما يؤول إليه أمره ، أو الاغترار بالأماني والآمال ، وبرحمة الله وشفاعة الشفعاء ، أو بكثرة الأعمال مع غفلته عن شرائطها.
والأمل الرجاء ، قال في المصباح : أملته أملا من باب طلب وهو ضد اليأس ، وأكثر ما يستعمل فيما يستبعد حصوله قال زهير : « أرجو وآمل أن تدنو مودتها » ومن عزم إلى بلد بعيد يقول أملت الوصول ولا يقول طمعت إلا إذا قرب منها ، والرجاء بين الأمل والطمع فإن الراجي قد يخاف أن لا يحصل مأمولة ، انتهى.
وتطويل الأمل هو أن يأمل أمورا يتوقف حصوله على عمر طويل ، وهو إنما يكون بأن يعد الموت منه بعيدا وهذا يصير سببا لأن يجترئ على المعاصي ويسوف التوبة ويتوغل في الدنيا ويبني ما لا يسكنه ، ويحصل ما لا ينتفع به ، ولذا ورد : من أطال الأمل أساء العمل ، وقد قال سبحانه : « رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ ، ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ » (١) وقد روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال : أن أخوف ما أخاف عليكم اثنتان اتباع الهوى وطول الأمل فإن اتباع الهوى يصد عن الحق ، وطول الأمل ينسى الآخرة.
والمطل والمماطلة : التسويف بالعدة والدين « وذلك بأن الهيبة » أي المهابة
__________________
(١) سورة الحجر : ٣.