و « أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ » وانبسطت يداه ووسعت كل شيء رحمته وظهر أمره وأشرق
______________________________________________________
ما في الضمير ، ومن فيه هذه الخصال كذلك فإن الكاذب يظهر أنه صادق ومخلف الوعد يظهر أنه يفي بوعده وكذا في بقيتها « والله قاهر فوق عباده » إشارة إلى قوله تعالى : « وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ » (١) أي غالب على جميعهم فوقهم بالاستيلاء والقدرة على إيجادهم وإبقائهم وإفنائهم « تعالى ذكره » أي عن النقائص أو عن أن يشبه ذكر المخلوقين أو عين أن يأتي به أحدكما هو حقه.
ويؤيد الثاني ما ورد في الدعاء : تعالى ذكرك عن المذكورين.
« وجل وجهه » أي ذاته أجل من أن يوصل إلى كنهه أو أنبيائه وحججه عليهمالسلام أو دينه و « أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ » قوله : خلقه بدل اشتمال لكل شيء أي أحسن خلق كل شيء أو هو بفتح اللام على صيغة الفعل وعلى التقديرين ناظر إلى قوله سبحانه : « ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ، الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ » وقد قرئ على الوجهين.
قال البيضاوي « الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ » موفرا عليه ما يستعده ويليق به على وجه الحكمة والمصلحة ، وخلقه بدل من كل شيء بدل الاشتمال ، وقيل : علم كيف يخلقه عن قوله : قيمة المرء ما يحسنه ، أي يحسن معرفته وخلقه مفعول ثان ، وقرأ نافع والكوفيون بفتح اللام على الوصف ، انتهى.
ويرد عليه أن الإحسان بمعنى العلم لا يتعدى إلى مفعولين.
في القاموس : هو يحسن الشيء إحسانا يعلمه ، فالظاهر أن يكون على هذا التقدير أيضا بدل اشتمال « وانبسطت يداه » إشارة إلى قوله تعالى : « وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ » (٢) وقيل : ثنى اليد مبالغة في الرد ونفي البخل عنه وإثباتا لغاية الجود ، فإن غاية ما يبذله السخي
__________________
(١) سورة الأنعام : ١٨.
(٢) سورة المائدة : ٦٤.