لهو ولعب وشغل واستبدال « الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ».
فذلك النفاق ودعائمه وشعبه والله قاهر « فَوْقَ عِبادِهِ » تعالى ذكره وجل وجهه
______________________________________________________
من نوع الإنسان من الأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة النافعة في الآخرة « واستبدال الذي هو أدنى » وهو الدنيا وزهراتها الفانية « بالذي هو خير » وهو الآخرة ونعمها الباقية.
« فذلك النفاق ودعائمه وشعبة » أي أصوله وفروعه المنتجة للبعد من الله ومن دينه ، فمن تخلص من الجميع فهو مؤمن كامل ، ومن اتصف بالجميع فهو منافق كامل ومن اتصف ببعض دون بعض فهو مذبذب بينهما شبيه بالمنافق إلى أن يستقر أمره فيما شاء الله تعالى.
قيل : أحاديث هذا الباب تدل على أن المؤمن أقل وجودا من الكبريت الأحمر إذ لا يخلو أحد من العلماء والصالحين عن بعض الخصال المذكورة فضلا عن غيرهم. ويمكن أن يقال : هذه الخصال إن كانت لأجل التهاون بالدين أو عدم اعتقاد حقيته كان صاحبها منافقا خارجا عن الإيمان ، مشاركا لمنافقي عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في الاسم والمعنى ، وإن لم يكن لأجل ذلك بل حصلت بمجرد اقتضاء الطبيعة وهوى النفس الأمارة كان مشابها بهم ومشاركا لهم في الاسم دون المعنى ، ولا يكون بذلك خارجا عن الإيمان وإن خرج عن كماله ، قال المازري : من المخالفين من غلب عليه خصال النفاق وأصر فيها وجعلها طبيعة وعادة له لا من وجدت فيه ندرة ، وقال : لا بد من هذا التأويل لأن تلك الخصال قد تجتمع في واحد ولا تخرجه من الإسلام كما اجتمعت في بعض السلف وبعض العلماء ، وفي إخوة يوسف وأنهم حدثوا فكذبوا ووعدوا وأخلفوا وائتمنوا فخانوا ، مع أنهم لم يكونوا منافقين خارجين عن الإسلام لأن ذلك كان ندرة منهم ، ولم يصروا على ما فعلوا ، وقال محيي الدين البغوي : هذه ذنوب لا تكفر بها فتحمل على أن من فعلها عادة وتهاونا بالدين يكون منافقا خارجا عن الإسلام ، أو على أن المراد بالنفاق معناه اللغوي لأنه لغة إظهار خلاف