نوره وفاضت بركته واستضاءت حكمته وهيمن كتابه وفلجت حجته وخلص دينه
______________________________________________________
قدرته « وأشرق نوره » أي أفاض نور الوجود والعلم والكمالات على جميع المواد القابلة بحسب قابلياتها ، واستعداداتها ، وقيل : أي علمه في قلوب العارفين أو حجته الدالة على وحدانيته وعلو ذاته وصفاته ، أو نبوة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أو نور الولاية المشار إليه بقوله تعالى : « يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ » (١) والأظهر أنه إشارة إلى قوله سبحانه : « لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كارِهُونَ » (٢) قيل : لقد ابتغوا الفتنة ، أي تشتت أمرك وتفريق أصحابك « مِنْ قَبْلُ » يعني يوم أحد « وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ » أي دبروا لك المكائد والحيل ودوروا لآراء في إبطال أمرك « حَتَّى جاءَ الْحَقُ » أي النصر والتأييد الإلهي « وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ » أي علانية « وَهُمْ كارِهُونَ » أي على زعم منهم.
« وفاضت بركته » أي كثرت من فاض الماء يفيض فيضا إذا كثر ، ومن أسمائه تعالى : الفياض لسعة عطائه وكثرته ، وتطلق البركة غالبا على النعم الدنيوية كالرحمة على الأخروية ، قال الراغب : أصل البرك صدر البعير ، وإن استعمل في غيره يقال له : بركة ، وبرك البعير ألقى بركة ، واعتبر منه معنى اللزوم وسمي محبس الماء بركة ، والبركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء قال تعالى : « لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ » (٣) وسمي بذلك لثبوت الخير ثبوت الماء في البركة ، والمبارك ما فيه ذلك الخير.
« واستضاءت حكمته » أي شريعته أو مصلحته أو علمه بالأشياء وإيجادها على غاية الإتقان ، أو ما علمه العباد من الحكم كما قال تعالى : « وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ » (٤).
« وهيمن كتابه » أي صار كتابه حافظا وشاهدا ورقيبا على كل شيء ، لأن
__________________
(١) سورة الصفّ : ٨.
(٢) سورة التوبة : ٤٨.
(٣) سورة الأعراف : ٩٦.
(٤) سورة الجمعة : ٢.