______________________________________________________
فيه تبيان كل شيء أو هو قائم على سائر الكتب رقيب عليها لأنه يشهد لها بالصحة والأخير أظهر ، لأنه ناظر إلى قوله تعالى : « وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ » (١).
قال البيضاوي : من الكتاب ، أي من جنس الكتب المنزلة ومهيمنا عليه ورقيبا على سائر الكتب يحفظها عن التغيير ويشهد لها بالصحة والثبات ، وقرئ على بنية المفعول ، أي هو من عليه وحوفظ من التحريف والحافظ له هو الله تعالى ، والحفاظ في كل عصر ، وفي القاموس : هيمن الطائر على فراخه رفرف ، وعلى كذا صار رقيبا عليه وحافظا ، والمهيمن وتفتح الميم الثانية من أسماء الله تعالى في معنى المؤمن من أمن غيره من الخوف فهو ماء من بهمزتين ، قلبت الثانية ياءا ثم الأولى هاء ، أو بمعنى الأمين أو المؤتمن أو الشاهد.
« وفلجت حجته » أي غلبت حجته الدالة على ربوبيته وتوحيده وقدرته وحكمته وظهرت ظهورا تاما حتى فرقت بين الحق والباطل أو تمت حجته على العباد ، كما قال سبحانه : « قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ » (٢) أو المراد بالحجة الرسل والأوصياء عليهمالسلام « وخلص دينه » أي الدين الذي شرع للعباد خالص عن الكذب والباطل والغش ، وقيل : الدين الطاعة وفيه تنبيه على أن الطاعة المختلطة بغير وجه الله تعالى ليست طاعة.
أقول : هذا إشارة إلى قوله تعالى في الزمر : « إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ » (٣) قال البيضاوي : أي محضا له الدين من الشرك والرياء ، ثم قال : ألا لله الدين الخالص ، قال : هو أي ألا هو الذي وجب اختصاصه بأن يخلص له الطاعة ، فإنه المتفرد بصفات الألوهية والاطلاع على السرائر والضمائر ثم قال :
__________________
(١) سورة المائدة : ٤٥.
(٢) سورة الأنعام : ١٤٩.
(٣) سورة الزمر : ٢.