واستظهر سلطانه وحقت كلمته وأقسطت موازينه وبلغت رسله فجعل السيئة ذنبا
______________________________________________________
تعالى : « وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ » ثم قال سبحانه : « قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ » إلى أن قال : « قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ ».
قال الطبرسي : مخلصا له الدين من شرك الأوثان والأصنام ، والإخلاص له أن يقصد العبد بنيته وعمله إلى خالقه لا جعل ذلك لغرض الدنيا ، والخالص ما لا يشوبه الرياء والسمعة ، ولا وجه من وجوه الدنيا ، والدين الخالص الإسلام ، وقيل : معناه ألا لله الطاعة بالعبادة التي يستحق بها الجزاء فهذا لله وحده لا يجوز أن يكون لغيره ، وقيل : هو الاعتقاد الواجب في التوحيد والعدل والنبوة والإقرار بها والعمل بموجبها ، والبراءة من كل دين سواها ، وقال : العبادة الخالصة هي التي لا يشوبها شيء من المعاصي ، انتهى.
فظهر أن خلوص دينه عبارة عن نفي الشرك الظاهر والباطن والجلي والخفي ، كما هو مفاد الآيات البينات « واستظهر سلطانه » الاستظهار بمعنى الظهور والعلو والغلبة ، يقال : ظهر على الحائط إذا علاه ، وظهر علي العدو إذا غلبه ، والسلطان يطلق على الحجة والبرهان والولاية والسلطنة والزيادات للتأكيد والمبالغة.
« وحقت كلمته » أي مواعيده في الثواب والعقاب للمؤمنين والكفار ، وقيل : أي كلامه مطلقا أو القرآن الكريم ، وفي الأخبار أن كلمات الله هم الحجج عليهمالسلام وكأنه إشارة إلى قوله سبحانه : « وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ » (١) وقوله : « كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ » (٢) وقوله : « وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ » (٣) وقوله : « وَتَمَّتْ
__________________
(١) سورة غافر : ٦.
(٢) سورة يونس : ٣٣.
(٣) سورة الزمر : ٧١.