والذنب فتنة والفتنة دنسا وجعل الحسنى عتبى والعتبى توبة والتوبة طهورا فمن
______________________________________________________
« والفتنة دنسا » أي وسخا تتوسخ به النفس والقلب فتذهب نورهما وصفائهما كما قال تعالى : « كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ » (١) « وجعل الحسنى » أي الفعلة الحسنى وهي الأعمال الحسنة مقابل السيئة أو الكلمة الحسني وهي العقائد الحقة والعتبي الرضا أي سببا لرضا الخالق أو الرجوع من الذنب والإساءة والعصيان إلى الطاعة والتوبة والإحسان ، وقيل : أي جعل الأعمال الحسنة بمنزلة التوبة ما حية للذنوب ، فهو ناظر إلى قوله تعالى : « إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ » (٢) ويحتمل أن يكون المعنى أن العاقبة الحسنى إنما تحصل بالعتبى والتوبة كما قال : « لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ » (٣) وقال تعالى : « وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى » ، و « كَذَّبَ بِالْحُسْنى » (٤) » وقال : « وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى » (٥) « إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى » (٦) « وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى » (٧) ومثله كثير.
وقال الراغب : الفرق بين الحسن والحسنة والحسنى أن الحسن يقال في الأعيان والأحداث ، وكذلك إذا كانت وصفا ، وإذا كانت اسما فمتعارف في الأحداث ، والحسنى لا يقال إلا في الأحداث دون الأعيان.
« والعتبي توبة » أي اكتفي بترك الذنب والندامة عليها مع العزم على الترك توبة ماحية للذنب.
« والتوبة طهورا » أي مطهرا من دنس العصيان ولوث الخطايا « فمن تاب اهتدى » إلى الحق وسبيل النجاة « ومن افتتن » بالأدناس أي الذنوب الموجبة للدنس « غوى » عن سبيل الحق والنجاة وضل.
__________________
(١) سورة المطفّفين : ١٤.
(٢) سورة هود : ١١٤.
(٣) سورة يونس : ٢٦.
(٤) سورة الليل : ٦ و٩.
(٥) سورة النجم : ٣١.
(٦) سورة الأنبياء : ١٠١.
(٧) سورة النحل : ٦٢.