تاب اهتدى ومن افتتن غوى ما لم يتب إلى الله ويعترف بذنبه ولا يهلك على الله إلا هالك.
الله الله فما أوسع ما لديه من التوبة والرحمة والبشرى والحلم العظيم وما أنكل ما عنده من الأنكال والجحيم والبطش الشديد فمن ظفر بطاعته اجتلب كرامته
______________________________________________________
« ولا يهلك على الله » ضمن معنى الاجتراء فعدي بعلى ، ويحتمل أن يكون على بمعنى في كما في قوله تعالى : « وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها » (١) أو بمعنى من كما قيل في قوله تعالى : « إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ » (٢) فالهلاك بمعنى الخيبة ، أو بمعنى مع كما قيل في قوله تعالى : « وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ » (٣) أي مع رحمته الكاملة « إلا هالك » بلغ الغاية في استحقاق العقوبة والهلاك.
« الله الله » منصوبان بفعل محذوف أي اتقوا الله واحذروا الله ، والتكرير للمبالغة والتأكيد ، وقد يراد به التعجب « فما أوسع » للتعجب « ما لديه من التوبة » أي قبولها « وما أنكل ما عنده من الأنكال » إشارة إلى قوله تعالى : « إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً » (٤) والنكل بالتحريك منع الرجل وتبعيده عما يريد ، والنكال بالفتح العقوبة التي ينكل الناس عن فعل ما جعلت له جزاء ، والنكل بالكسر القيد لأنه ينكل به أي يمنع ، وجمعه أنكال ، والجحيم من أسماء جهنم وأصله ما اشتد لهبه من النيران ، والبطش الشديد ناظر إلى قوله تعالى : « إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ » (٥) والبطش : الأخذ القوي الشديد ، والوصف للتأكيد « اجتلب كرامته » أي تحفه وهداياه الخاصة لأوليائه في الدنيا والآخرة « ذاق وبال نقمته » الوبال في الأصل الثقل والمكروه وقد يراد به العذاب في الآخرة ، والنقمة السخط والغضب والعقوبة ، ومن أسمائه سبحانه المنتقم ، وهو المبالغ في العقوبة ، وكما أن رحمته عظيمة كذلك نقمته شديدة ، فإن
__________________
(١) سورة القصص : ١٥.
(٢) سورة المطفّفين : ٢.
(٣) سورة البقرة : ١٧٧.
(٤) سورة المزّمّل : ١٢.
(٥) سورة البروج : ١٢.