عزوجل : « خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ » (١) فلما قال عسى فقلت ما هم إلا مؤمنين أو كافرين قال فقال ما تقول في قوله عز وجل : « إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً » (٢) إلى الإيمان فقلت ما هم إلا مؤمنين أو كافرين فقال والله ما هم بمؤمنين ولا كافرين ثم أقبل علي فقال ما تقول في أصحاب الأعراف فقلت ما هم إلا مؤمنين أو كافرين إن دخلوا الجنة فهم مؤمنون وإن دخلوا النار فهم كافرون فقال والله ما هم بمؤمنين ولا كافرين ولو كانوا مؤمنين لدخلوا الجنة كما دخلها المؤمنون ولو كانوا كافرين لدخلوا النار كما دخلها الكافرون ولكنهم قوم قد
______________________________________________________
« فلما قال عسى فقلت » الظاهر أن مراده أنه لم يصبر زرارة حتى يتم عليهالسلام الآية ، وبادر بالجواب بإعادة مطلوبه مرة أخرى ، وقيل : المراد أنه لما استدل عليهالسلام بقوله عسى على أنه ليس بمؤمن لأن المؤمن يدخل الجنة قطعا ، ولا بكافر لأنه معذب البتة قلت : إن يرحمهالله فهو في علم الله مؤمن ، وإن يعذبه فهو في علم الله كافر « إن دخلوا الجنة فهم مؤمنون » وذلك لما تقرر عنده أن الجنة لا يدخلها إلا مؤمن « وإن دخلوا النار فهم كافرون » لما تقرر عنده أن النار لا يدخلها إلا كافر ، والمقدمتان ممنوعتان لأن الجنة قد يدخلها غير المؤمن برحمة الله ، والنار قد يدخلها غير الكافر بذنب غير الكفر.
قوله عليهالسلام : لدخلوا الجنة ، أي ابتداء من غير توقف أو بسبب الإيمان كما دخلها المؤمنون كذلك ، وهذا لا ينافي دخولهم فيها بالرحمة « لدخلوا النار » أي ابتداء أو بسبب الكفر كما دخلها الكافرون كذلك ، وهذا لا ينافي دخولهم فيها بذنوب غير الكفر ، إما مع الخلود أو بدونها « استوت حسناتهم وسيئاتهم » قيل : كان المراد بهما الإقرار والإنكار وباستوائهما عدم رجحان أحدهما على الآخر أو الأعم
__________________
(١) سورة التوبة : ١٠٣.
(٢) سورة النساء : ٩٨.