استوت حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم الأعمال وأنهم لكما قال الله عزوجل.
فقلت أمن أهل الجنة هم أم من أهل النار فقال اتركهم حيث تركهم الله قلت أفترجئهم قال نعم أرجئهم كما أرجأهم الله إن شاء أدخلهم الجنة
______________________________________________________
منهما ومن الأعمال الصالحة والذنوب.
« فقصرت بهم الأعمال » أي لم تبلغ بهم الأعمال الحسنة إلى مقصدهم وهو الجنة ، قال في المصباح : قصرت بنا النفقة أي لم تبلغ بنا إلى مقصدنا ، فالباء للتعدية « لكما قال الله عز وجل » :
أقول : ظاهر الخبر أن أصحاب الأعراف يوقفون ابتداء فيها ثم يساقون إما إلى الجنة أو إلى النار ، ولا يبقون فيها كما قال بعض المفسرين إن في الدرجة الأدنى من الأعراف قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم ، أوقفهم الله عليها لأنها درجة متوسطة بين الجنة والنار ، ثم تؤول عاقبة أمرهم إلى الجنة برحمة الله وفضله ، كما قال عز وجل : « لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ » (١) أي لا يطمعون دخولها بعملهم ، بل بفضل الله وإحسانه أن ينقلهم من ذلك الموضع إلى الجنة.
« فقلت : من أهل الجنة هم أم من أهل النار » كان غرضه الإلزام بأنهم إن كانوا من أهل الجنة فهم مؤمنون ، وإن كانوا من أهل النار فهم كافرون « فقال : اتركهم حيث تركهم الله » أي يحتمل فيهم الأمران ، ولا ينافي عدم كونهم مؤمنين ولا كافرين « قلت أفترجئهم » كان مراده أن هذا مذهب المرجئة وهو باطل ، لأن مذهب المرجئة عدم الحكم بإيمان أحد وكفر أحد مطلقا وهذا الإرجاء ليس في المذهب ، وإنما هو إرجاء في الثواب والعقاب ، وبالنسبة إلى جماعة مخصوصة ، وقيل : أي أفتوقعهم في الرجاء والطمع للمغفرة ولا تحكم بكفرهم « برحمته » أي لا بإيمانهم لعدمه « بذنوبهم » أي لا بكفرهم لعدمه « ولم يظلمهم » إذ لا ظلم في العقوبة مع الاستحقاق بالذنوب.
__________________
(١) سورة الأعراف : ٤٦.