وهدم مروءته ليسقط من أعين الناس أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان.
______________________________________________________
« أخرجه الله من ولايته » في النهاية وغيره : الولاية بالفتح المحبة والنصرة ، وبالكسر التولية والسلطان ، فقيل : المراد هنا المحبة ، وإنما لا يقبله الشيطان لعدم الاعتناء به ، لأن الشيطان إنما يحب من كان فسقه في العبادات ، ويصيره وسيلة لإضلال الناس ، وقيل : السر في عدم قبول الشيطان له أن فعله أقبح من فعل الشيطان لأن سبب خروج الشيطان من ولاية الله هو مخالفة أمره مستندا بأن أصله أشرف من أصل آدم عليهالسلام ولم يذكر من فعل آدم ما يسوؤه ويسقطه عن نظر الملائكة ، وسبب خروج هذا الرجل من ولايته تعالى هو مخالفة أمره عز وجل من غير أن يسندها إلى شبهة إذ الأصل واحد ، وذكره من فعل المؤمن ما يؤذيه ويحقره وادعاء الكمال لنفسه ضمنا ، وهذا إدلال وتفاخر وتكبر ، فلذا لا يقبله الشيطان لكونه أقبح فعالا منه ، على أن الشيطان لا يعتمد على ولايته له ، لأن شأنه نقض الولاية لا عن شيء فلذلك لا يقبله ، انتهى.
ولا يخفى ما في هذه الوجوه لا سيما في الأخيرين على من له أدنى مسكة ، بل المراد إما المحبة والنصرة ، فيقطع الله عنه محبته ونصرته ويكله إلى الشيطان الذي اختار تسويله ، وخالف أمر ربه ، وعدم قبول الشيطان له لأنه ليس غرضه من إضلال بني آدم كثيرة الاتباع والمحبين ، فيودهم وينصرهم إذا تابعوه ، بل مقصوده إهلاكهم وجعلهم مستوجبين للعذاب للعداوة القديمة بينه وبين أبيهم ، فإذا حصل غرضه منهم يتركهم ويشمت بهم ولا يعينهم في شيء ، لا في الدنيا كما قال سبحانه : « كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ » (١) وكما هو المشهور من قصة برصيصا وغيره ، ولا في الآخرة لقوله : « فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ » (٢)
__________________
(١) سورة الحشر : ١٦.
(٢) سورة إبراهيم : ٢٢.