الله بدأ ولمقته تعرض وذلك قوله : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ » (١).
______________________________________________________
وإني وإن أوعدته أو وعدته |
|
لمخلف إيعادي ومنجز موعدي |
فإن أدخلوا الباء في الشر جاءوا بالألف ، يقال : أوعدني بالسجن ، والعدة الوعد والهاء عوض عن الواو ، ويجمع على عدات ، ولا يجمع الوعد ، انتهى.
فقوله عليهالسلام : نذر أي كالنذر في جعله على نفسه أو في لزوم الوفاء به وهو أظهر ، وعدم الكفارة الظاهر أنه للتغليظ كاليمين الغموس أو للتخفيف وهو بعيد.
« فيخلف الله بدءا » لأن الله أخذ على العباد العهد بأن يعملوا بأوامره وينتهوا عما نهى عنه ، ولما أمر بالوفاء بالعهد ونهى عن الخلف عنه فمن أراد خلف العهد خالف الله فيما عاهده عليه ، وإن كان معفوا مع عدم الفعل « ولمقته » أي غضبه سبحانه « تعرض ».
وأما الآية فقال الطبرسي (ره) : قيل إن الخطاب للمنافقين وهو تقريع لهم بأنهم يظهرون الإيمان ولا يبطنونه ، وقيل : إن الخطاب للمؤمنين وتعيير لهم أن يقولوا شيئا ولا يفعلونه ، قال الجبائي : هذا على ضربين : أحدهما أن يقول سأفعله ومن عزمه أن لا يفعل وهو قبيح مذموم ، والآخر أن يقول سأفعل ومن عزمه أن يفعله والمعلوم أن لا يفعله فهذا قبيح لأنه لا يدري أيفعله أم لا ، وينبغي في مثل هذا أن يقرن بلفظ إنشاء الله « كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ ». أي كبر هذا القول وعظم مقتا عند الله وهو أن تقولوا ما لا تفعلونه وقيل : معناه كبر أن تقولوا ما لا تفعلونه وتعدوا من أنفسكم ما لا تفون به مقتا عند الله.
وقال البيضاوي : روي أن المسلمين قالوا لو علمنا أحب الأعمال إلى الله لبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا ، فأنزل « إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ » (٢) قولوا يوم أحد فنزلت : « كَبُرَ مَقْتاً » المقت أشد الغضب ونصبه على التميز للدلالة على أن قولهم
__________________
( ١ و٢ ) سورة الصفّ : ٢ ـ ٤.