______________________________________________________
الغيبة هنا إلا من جهة الفسق.
فإن قيل : المترتب على هذه الصفات أربعة أمور مفهومه أن مع عدم كل من تلك الخصال لا تجتمع تلك الأربعة ، فلعل ذلك بانتفاء أمر آخر سوى حرمة الغيبة.
قلت : الظاهر من العطف استقلال كل في الحكم ، كما إذا قلت جاء زيد وعمرو ، كان بمنزلة قولك جاء زيد وجاء عمرو ، وكون الواو بمعنى مع نادر.
ثم اعلم أنه لا بد من تقييد الخبر بما إذا لم يرتكب سائر الكبائر ، بل المقصود في الخبر إفادة المفهوم لا المنطوق فافهم ، والأخبار في ذلك كثيرة ويستفاد من عموم كثير من الآيات أيضا ذلك نحو قوله سبحانه : « وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً » (١) ويشمل بعمومه أو إطلاقه عهود الخلق أيضا ، والعهد والوعد متقاربان ، وقوله : « وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا » (٢).
وروى الصدوق في الخصال بإسناده عن عنبسة بن مصعب قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : ثلاثة لم يجعل الله تعالى لأحد فيه رخصة : بر الوالدين برين كانا أو فاجرين ، والوفاء بالعهد للبر والفاجر ، وأداء الأمانة للبر والفاجر.
ويؤيدها أيضا أخبار كثيرة كما روى الكليني عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إذا قال الرجل للرجل هلم أحسن بيعك يحرم عليه الربح ، وقد ورد في أخبار صحيحة وغير صحيحة : المسلمون عند شروطهم إلا ما خالف كتاب الله ، وليس فيها التقييد بكونها في ضمن العقد ، وكذا ما روى الشيخ في التهذيب بإسناده عن إسحاق بن عمار عن أبي جعفر عن أبيه عليهماالسلام أن عليا عليهالسلام كان يقول : من شرط لامرأته شرطا فليف به ، فإن المسلمين عند شروطهم إلا شرطا حرم حلالا ، أو أحل حراما.
__________________
(١) سورة الإسراء : ٣٤.
(٢) سورة البقرة : ١٧٧.