عليهالسلام إنما هي القلوب مرة تصعب ومرة تسهل.
ثم قال أبو جعفر عليهالسلام أما إن أصحاب محمد صلىاللهعليهوآله قالوا يا رسول الله نخاف علينا النفاق قال فقال ولم تخافون ذلك قالوا إذا كنا عندك فذكرتنا ورغبتنا وجلنا ونسينا الدنيا وزهدنا حتى كأنا نعاين الآخرة والجنة والنار ونحن عندك فإذا خرجنا من عندك ودخلنا هذه البيوت وشممنا الأولاد ورأينا العيال والأهل يكاد أن نحول عن الحال التي كنا عليها عندك وحتى كأنا لم نكن على شيء أفتخاف علينا أن يكون ذلك نفاقا فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآله كلا إن هذه خطوات الشيطان فيرغبكم في الدنيا والله لو تدومون على الحالة التي وصفتم
______________________________________________________
شأنهم الميل إلى الشهوات والرغبة في اللذات ، والإنسان عالم بين العالمين مركب من النشأتين ، فإن له روحا قدسيا وجسدا بهيميا فهو مختلف الشؤون منتقل الأحوال ، ولو لم يكن كذلك لم يتيسر له الترقي إلى أعلى مدارج الكمال وأقوى الدواعي إلى الصعود على أحسن الأحوال ، وأنفع الجنود لدفع وساوس الشياطين والتخلص عن الأهوال بمجالسة الصالحين ومعاشرتهم ومتابعتهم في الأقوال والأفعال كما يرشد إليه هذا الحديث.
والشمم القرب والدنو ، وكان المراد هنا الالتذاذ بقربهم والنظر إليهم تشبيها لهم بالرياحين ، والأهل : الزوجة وذكرها تخصيص بعد تعميم « كانا لم نكن على شيء » أي من الحالة الأولى.
« إن هذه خطوات الشيطان » إشارة إلى قوله تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً ، وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ » (١) وفي القاموس : الخطوة ويفتح ما بين القدمين والجمع خطا وخطوات ، وبالفتح المرة والجمع خطوات ، والمعنى أن ذلك بسبب وساوس
__________________
(١) سورة النور : ٢١.