أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة ومشيتم على الماء ولو لا أنكم تذنبون فتستغفرون الله لخلق الله خلقا حتى يذنبوا ثم يستغفروا الله فيغفر الله لهم إن المؤمن مفتن
______________________________________________________
البشرية والوساوس الشيطانية ، والميل إلى الزهرات الدنيوية ، فإذا زالت عن العبد تلك الموانع دائما يصير نورا صرفا وروحا محضا ، ويتصف بصفات الملائكة ، ويلتحق بالروحانيين ويصافحهم ، ويكون معهم ويمشي على الماء مثلهم.
وإن شئت توضيح ذلك فنقول : أن للروح الإنساني منازل في السير إلى الله ، أولها المحسوسات ، وثانيها المتخيلات ، وثالثها الموهومات ، ورابعها المعقولات ، وهو في هذا المنزل يمتاز عن سائر الحيوانات ، ويرى فيه ما هو خارج عن عالم الحس والخيال والوهم ، ويعلم روح الأشياء وحقائقها ، وله عرض عريض أوله أول عالم الإنسان ، وآخره عالم الملائكة بل فوقه ، وهو معراج الإنسان وأعلى عليين له ، كما أن الثلاثة الأول أسفل السافلين له ، وأعظم أسباب معراجه قطع التعلق عن الدنيا والإعراض عنها بالكلية ، ثم الدوام على هذه الحالة فإنه يوجب الوصول إلى حالة شريفة هي مرتبة عين اليقين ، وله في تلك المرتبة قدرة على أفعال غريبة وآثار عجيبة بإذن الله تعالى ، كمصافحة الملائكة والمشي على الماء والهواء وغيرها ، ومنه يعلم أن الكرامات غير منكرة من الأولياء كما زعمه بعض العلماء.
« ولو لا أنكم تذنبون. » أقول : يدل على أن لله تعالى مصلحة عظيمة في هذا النوع من الخلق ، لتظهر غفاريته ولطفه ورحمته ، بل الظاهر أن هذا سبب لرفعة درجاتهم وتضاعف كمالاتهم ، ولا ينافي ذلك عدم صدور تلك الأفعال وظهور تلك الآثار منهم ، كما أن أكثر أفراد المؤمنين أفضل من كثير من الملائكة مع ظهور تلك الأمور من الملائكة دونهم ، ولا يبعد أن يكون التلوث بالخطيئات سببا للتذلل والخضوع ورفع الدرجات ، حتى أن أكثر الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام ابتلوا بارتكاب ترك الأولى والمكروهات ، فارتقوا بعد ذلك إلى أعالي الدرجات ، كما يومئ إليه قوله