______________________________________________________
ولا بأس بنقل شيء من كلام الخاصة والعامة في هذا الباب ليرتفع به جلباب الارتياب : في الجوامع عند تفسير قوله تعالى : « إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً » (١) يقال : للإنسان لم سمعت ما لا يحل لك سماعه؟ ولم نظرت إلى ما لا يحل لك النظر إليه؟ ولم عزمت على ما لا يحل لك العزم عليه؟ انتهى.
وكلامه رحمهالله في مجمع البيان قريب من كلامه هذا.
وقال البيضاوي وغيره من علماء العامة عند تفسير هذه الآية : فيها دليل على أن العبد مؤاخذ بعزمه على المعصية ، انتهى.
وعبارة الكشاف موافقة لعبارة الطبرسي ، وكذا عبارة التفسير الكبير للفخر وقال السيد المرتضى علم الهدى أنار الله برهانه في كتاب تنزيه الأنبياء عند ذكر قوله تعالى : « إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُما » (٢) إنما أراد تعالى أن الفشل خطر ببالهم ولو كان الهم في هذا المكان عزما لما كان وليهما ، ثم قال : وإرادة المعصية والعزم عليها معصية ، وقد تجاوز قوم حتى قالوا العزم على الكبيرة كبيرة وعلى الكفر كفرا ، انتهى كلامه نور الله مرقده.
وكلام صاحب الكشاف في تفسير هذه الآية مطابق لكلامه طاب ثراه ، وكذا كلام البيضاوي وغيره ، وأيضا فقد صرح الفقهاء بأن الإصرار على الصغائر الذي هو معدود من الكبائر إما فعلي وهو المداومة على الصغائر بلا توبة ، وإما حكمي وهو العزم على فعل الصغائر متى تمكن منها ، وبالجملة فتصريحات المفسرين والفقهاء والأصوليين بهذا المطلب أزيد من أن يحصى ، والخوض فيه من قبيل توضيح الواضحات ومن تصفح كتب الخاصة والعامة لا يعتريه ريب فيما تلوناه.
فإن قلت : قد ورد عن أئمتنا عليهمالسلام أخبار كثيرة وتشعر بأن العزم على المعصية
__________________
(١) سورة الإسراء : ٣٦.
(٢) سورة آل عمران : ١٢٢.