______________________________________________________
ومنهم من أول القرناء بالإنسان القوي القادر على الظلم ، والجماء بالمظلوم الضعيف وهو تكلف مستغنى عنه ، ولا يبعد أن يكون المراد مؤاخذة المكلف بتمكين القرناء من إضرار الجماء ، وفي صحيح مسلم عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : لتردن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلجاء من الشاة القرناء ، والجلجاء أيضا التي لا قرن لها ، وصرح جماعة من المفسرين في تفسير الآية المتقدمة ببعثها ، وقيل أي جمعت من أطراف الأرض وقيل : أميتت.
وقال الطبرسي (ره) في قوله تعالى : « وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ » (١) أي يحشرون إلى الله بعد موتهم يوم القيامة كما يحشر العباد ، فيعوض الله ما يستحق العوض منها وينتصف لبعضها من بعض ، وفيما رووه عن أبي هريرة أنه قال : يحشر الله الخلق يوم القيامة البهائم والدواب والطير ، وكل شيء ، فيبلغ من عدل الله يومئذ أن يأخذ للجماء من القرناء ثم يقول : كوني ترابا فلذلك يقول الكافر : يا ليتني كنت ترابا.
وعن أبي ذر قال : بينا أنا عند رسول الله إذا انتطحت عنزان فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أتدرون فيم انتطحا؟ فقالوا : لا ندري ، قال : لكن الله يدري سيقضي بينهما.
وقال الرازي : قال قتادة : يحشر كل شيء حتى الذباب للقصاص ، وقالت المعتزلة : إن الله يحشر الحيوانات كلها في ذلك اليوم ليعوضها آلامها التي وصلت إليها في الدنيا بالموت والقتل وغير ذلك ، فإذا عوضت عن تلك الآلام فإن شاء الله أن يبقى بعضها في الجنة إذا كان مستحسنا فعل وإن شاء أن يفنيه أفناه على ما جاء به الخبر ، وأما أصحابنا فعندهم أنه لا يجب على الله شيء بحكم الاستحقاق ، ولكنه تعالى يحشر الوحوش كلها فيقتص للجماء من القرناء ، ثم يقال لها : موتي فتموت
__________________
(١) سورة الأنعام : ٣٨.