______________________________________________________
انتهى.
وقال بعض شراح صحيح مسلم : اضطرب العلماء في بعث البهائم ، وأقوى ما تعلق به من يقول ببعثها قوله تعالى : « وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ » وأجاب الآخر بأن معنى حشرت ماتت ، قال : والأحاديث الواردة ببعثها آحاد تفيد الظن والمطلوب في المسألة القطع ، وحمل البعض العود المذكور في الحديث على أنه ليس حقيقة وإنما هو ضرب مثل إعلاما للخلق بأنها دار جزاء لا يبقى فيها حق عند أحد ، ثم قال : ويصح عندي أن يخلق الله تعالى هذه الحركة للبهائم يوم القيامة ليشعر أهل المحشر بما هم صائرون إليه من العدل ، وسمي ذلك قصاصا لا أنه قصاص تكليف ومجازاة ، ومن توقف في بعثها إنما توقف في القطع بذلك كما يقطع ببعث المكلفين والأحاديث الواردة ليست نصوصا ولا متواترة ، وليست المسألة عملية حتى يكتفي فيها بالظن والأظهر حشر المخلوقات كلها بمجموع ظواهر الآي والأحاديث ، وليس من شرط الإعادة المجازاة بعقاب أو ثواب للإجماع على أن أولاد الأنبياء عليهمالسلام في الجنة ولا مجازاة على الأطفال ، واختلف في أولاد من سواهم اختلافا كثيرا انتهى.
وقال القرطبي : حمل بعضهم الحديث على ظاهره لأنه قال : يؤتى يوم القيامة بالبهائم فيقال لها : كوني ترابا بعد ما يقاد للجماء من القرناء ، وحينئذ يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا ، ويدل على أنها ضرب مثل ما جاء في بعض الروايات من الزيادة في هذا الحديث ، يريد الحديث الذي نقله مسلم قال : حتى يقاد للجلجاء من القرناء وللحجرلم ركب على حجر ، وللعود لم خدش العود ، لأن الجمادات لا تعقل كلاما فلا ثواب ولا عقاب لها ، وهو في التمثيل مثل قوله تعالى : « وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً » (١) الآية.
__________________
(١) سورة الرعد : ٣١.