______________________________________________________
المظنون فيها ذلك ، ولا يجب من الصغائر المعلوم أنها صغائر.
وقال آخرون : إنها لا تجب من ذنوب تاب عنها من قبل ، وقال آخرون : إنها تجب من كل كبير وصغير من المعاصي أو الإخلال بالواجب ، سواء تاب منها قبل أو لم يتب ، وقد استدل المصنف على وجوبها بأمرين : الأول : أنها دافعة للضرر الذي هو العقاب أو الخوف فيه ، ودفع الضرر واجب ، الثاني : أنا نعلم قطعا وجوب الندم على فعل القبيح أو الإخلال بالواجب.
إذا عرفت هذا فنقول : إنها تجب من كل ذنب لأنها تجب من المعصية لكونها معصية ، ومن الإخلال بواجب لكونه كذلك ، وهذا عام في كل ذنب وإخلال بواجب ، انتهى.
أقول : ظاهر كلامه وجوب التوبة من الذنب الذي تاب منه ، وكأنه نظر إلى أن الندم على القبيح واجب في كل حال ، وكذا ترك العزم على الحرام واجب دائما ، وفيه أن العزم على الحرام ما لم يأت به لا يترتب عليه إثم ، إلا أن يقول : أن العفو عنه تفضلا لا ينافي كونه منهيا عنه كما مر ، وأما الندم على ما صدر عنه سابقا فلا نسلم وجوبه بعد تحقق الندم مرة ، وسقوط العقاب به ، وإن كان القول بالوجوب لا يخلو من قوة ، وقال الشيخ البهائي : دفع ضرر العقاب لا يدل على وجوب التوبة عن الصغائر ممن يجتنب الكبائر لكونها مكفرة ، ولهذا ذهبت البهشمية إلى وجوبها عن الصغائر سمعا لا عقلا.
نعم الاستدلال بأن الندم على القبيح من مقتضيات العقل الصحيح يعم القسمين ، وأما فورية الوجوب فقد صرح به المعتزلة فقالوا يلزم بتأخيرها ساعة إثم آخر تجب التوبة منه أيضا ، حتى أن من أخر التوبة عن الكبيرة ساعة واحدة فقد فعل كبيرتين وساعتين أربع كبائر ، الأولتان وترك التوبة عن كل منهما ، وثلاث ساعات ثمان كبائر وهكذا ، وأصحابنا يوافقونهم على الفورية لكنهم لم يذكروا