مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله ثم قال قال أبي علي بن أبي طالب عليهالسلام :
______________________________________________________
المعاشرة ، واختلف العلماء في ذلك ، والآيات والأخبار أيضا متعارضة فمن قال العزلة أحسن نظر إلى آفات المعاشرة من الحسد والعداوة والبغضاء والغيبة والنميمة والرياء وحب الدنيا وعدم فراغ القلب للذكر والفكر وتضييع العمر ، وعدم الانتفاع بمعاشرة أكثر الخلق وأشباه ذلك ، ومن قال المعاشرة أفضل نظر إلى فوائد المعاشرة من التعليم والتعلم والاهتداء بسيرة العلماء وأخلاقهم ، وتحصيل المثوبات العظيمة من زيارة الإخوان وعيادتهم وتشييع جنائزهم والسعي في قضاء حوائجهم وهداية الخلق وإحياء مراسم الدين والحضور في الجماعات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأمثال ذلك ، وكل ذلك يفوت بالعزلة.
فالحق القول بالتفصيل في الأشغال والأحوال والأزمان والأشخاص فالعزلة المطلوبة عن شرار الخلق إذا يئس عن هدايتهم كما قال إبراهيم عليهالسلام عند اليأس عن هدايتهم : « وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ » (١) لا العزلة التامة بحيث يترك الأمور الواجبة كالتعليم والتعلم وحضور الجمعات والجماعات وسائر ما أشرنا إليه سابقا ، والمعاشرة إنما تكون مطلوبة إذا كانت متضمنة لمنفعة دينية خالية عن المفاسد المذكورة وغيرها.
وأيضا ذلك يختلف باختلاف الأشخاص ، فالعلماء والفقهاء إذا اعتزلوا صار سببا لضلالة الخلق وحيرتهم واستيلاء شياطين الجن والإنس عليهم ، وكثير من سائر الخلق لا ضرورة في معاشرتهم.
وأيضا الأزمنة مختلفة ، فقد ورد في الخبر : سيأتي على الناس زمان لا ينجو فيه إلا النومة كما أن سيد الساجدين صلوات الله عليه اعتزل الخلق لفساد الزمان واستيلاء بني أمية على الخلق والباقر والصادق عليهماالسلام عملا بخلاف ذلك لتمكنهم من
__________________
(١) سورة مريم : ٤٨.