لاخير في العيش إلا لرجلين رجل يزداد كل يوم خيرا ورجل يتدارك منيته بالتوبة وأنى له بالتوبة والله لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله تبارك وتعالى منه إلا بولايتنا أهل البيت ألا ومن عرف حقنا ورجا الثواب فينا ورضي بقوته نصف مد في كل يوم وما ستر عورته وما أكن رأسه وهم والله في ذلك خائفون وجلون
______________________________________________________
هداية الخلق.
وبالجملة ينبغي أن يكون الإنسان طبيب نفسه ، فإنه أعرف بأدوائها وعارفا بزمانه وأهله ، فإذا عرف أن صلاحه في العزلة اعتزل اعتزالا لا يضر بحاله ، وإذا علم أن صلاحه في المعاشرة اختارها على وجه لا يضر بنياته وأعماله وينبغي أن ينظر في أحوال أهل زمانه فيختار للأخوة والمصاحبة من كان مصلحا لأحواله ولا يكون مضيعا لعمره كما سيأتي تحقيقه في كتاب العشرة إن شاء الله ، وقد بسطنا الكلام في ذلك بعض البسط في كتاب عين الحياة والله الموفق.
وأما هذا الخبر فالظاهر أن الراوي وهو حفص بن غياث لما كان عاميا قاضيا من قبل هارون طالبا للشهرة عند الولاة وخلفاء الجور ، ولذا عدل عن الحق واتبع أهل الضلال ، وكان المناسب بحاله ترك الشهرة والاعتزال أمره عليهالسلام بذلك.
« لا خير في العيش » أي عيش الدنيا ويحتمل الأعم من عيش الدنيا والآخرة والمراد بالرجل الأول من لم يذنب أصلا أو إلا نادرا وبالثاني من يبتلي بالمعاصي ثم يتوب وهو المفتن التواب كما مر.
ثم بين عليهالسلام إن قبول التوبة مشروط بحسن الاعتقاد لئلا يغتر السامع بذلك فإنه كان من أهل الضلال ، وألا بالتخفيف حرف تنبيه « ورجا الثواب » كان خبر الموصول مقدر وقيل : استفهام للتقليل « ونصف » مجرور بالبدلية « لقوته » أو منصوب بالحالية أو تميز مثل قولهم : رضيت بالله ربا ، و « في كل يوم » صفة نصف مد ، « وما ستر » عطف على قوته والواو في قوله وهم للحالية ، وقيل : للاستئناف ، والضمير في قوله : وهم راجع إلى أصحاب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم الذين لم يرتدوا بعده وهو بعيد ،