______________________________________________________
لكان كاذبا ، أو مطلقا لما لا يأمن أن يكون كذبا ، وذلك لا يجوز عند من جوز الصغائر على الأنبياء.
ونحوه قال الشيخ الطبرسي قدسسره في تأويل تلك الآية ، وهذا الكلام وإن كان فيما ظاهره الخبر لكن سيأتي منهما رضي الله عنهما ما يدل على أنهم لا يفرقون في ذلك بين الوعد والخبر.
وأقول : كلام كثير من أصحابنا جار هذا المجرى ، وسلموا كون الوعد أو الوعيد خبرا فعلى هذا يشكل القول بجواز مخالفة الوعد من غير عذر ومصلحة ، وأما الوعيد فتكون مخالفته من قبيل الكذب المجوز للمصلحة إذ لا خلاف في أن خلف الوعيد ليس بحرام بل هو حسن ، فيكون جوازه مشروطا بمصلحة مجوزة للكذب ، والقول بهذا أيضا مشكل فإن العبد إذا استحق من المولى تأديبا وأوعده ذلك من غير مصلحة في ذلك الوعيد ، ثم عفا عنه يكون كذبا بغير مصلحة وحراما ، ولا أظن أحدا قال بذلك إلا أن يقال العفو من الصفات الحسنة والأفعال الجميلة ، فإذا صادف الكذب يصير به حسنا ، وفيه بعد.
وأيضا لو كان قبح خلف الوعد من جهة الكذب لزم إذا قال رجل أركب غدا مخبرا بذلك من غير أن يعد أحدا ثم بدا له ولم يركب أن يكون عاصيا ، ولعله مما لم يقل به أحد ، فالأولى جعلهما من قبيل الإنشاء لا الخبر ، فلا يوصفان بالصدق والكذب ، وإطلاقهما عليهما على التوسع والمجاز.
ومما ينبه على ذلك أن الصدق والمكذب إنما يطلقان على ما يتصف بهما حين القول ، لا ما يكون تصديقه وتكذيبه باختيار القائل ، وليس هذا دليلا ولكنه منبه ويمكن المناقشة فيه.
فإن قيل : لم لم يعد أهل العربية الوعد من أقسام الإنشاء؟ قلت : مدارهم على ذكر الإطلاقات اللغوية ومصطلحاتهم ، ولذا لم يعدوا بعت واشتريت وأنكحت