قول الله عز وجل : « رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ » (١) وقوله « إِلاَّ
______________________________________________________
والاستعانة به ، وإن كان مأمونا منه المؤاخذة بمثله ، ويجري ذلك مجرى قوله فيما بعد : « وَلا تُحَمِّلْنا » على أحد الأجوبة.
والرابع : ما روي عن ابن عباس وعطاء أن معناه لا تعاقبنا إن عصيناك جاهلين أو متعمدين.
وقوله : « رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً » قيل فيه وجهان : الأول : أن معناه لا تحمل علينا عملا نعجز عن القيام به ، وتعذبنا يتركه ونقضه عن ابن عباس وغيره والثاني : أن معناه لا تحمل علينا ثقلا يعني لا تشدد الأمر علينا « كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا » أي على الأمم الماضية والقرون الخالية ، لأنهم كانوا إذا ارتكبوا خطيئة عجلت عليهم عقوبتها ، وحرم عليهم بسببها ما أحل لهم من الطعام كما قال تعالى : « فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ » (٢) وأخذ عليهم العهود والمواثيق وكلفوا من أنواع التكاليف ما لم تكلف هذه الأمة تخفيفا عنها.
« رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ » قيل فيه وجوه : الأول : أن معناه ما يثقل علينا تحمله من أنواع التكاليف والامتحان ، مثل قتل النفس عند التوبة ، وقد يقول الرجل لأمر يصعب عليه : إني لا أطيقه ، والثاني : أن معناه ما لا طاقة لنا به من العذاب عاجلا وآجلا.
والثالث : أنه على سبيل التعبد وإن كان سبحانه لا يكلف ولا يحمل أحدا ما لا يطيقه ، انتهى.
وقال بعضهم : فإن قلت : الآية دلت على المؤاخذة والإثم بالخطإ والنسيان ، وإلا فلا فائدة للدعاء بعدم المؤاخذة ، فكيف تكون دليلا على الرفع المذكور؟ قلت : أولا قال بعض المحققين السؤال والدعاء قد يكون للواقع والغرض منه بسط
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٨٦.
(٢) سورة النساء : ١٦٠.