باء به أحدهما إن كان شهد [ به ] على كافر صدق وإن كان مؤمنا رجع الكفر عليه فإياكم والطعن على المؤمنين.
______________________________________________________
وفي قوله : فإياكم ، إشارة إلى أن مطلق الطعن حكمه حكم الكفر في الرجوع إلى أحدهما ، وقوله : إن كان ، استئناف بياني.
وكفر الساب مع أن محض السب وإن كان كبيرة لا يوجب الكفر ، يحتمل وجوها أشرنا إلى بعضها مرارا : « الأول » أن يكون المراد به الكفر الذي يطلق على مرتكبي الكبائر في مصطلح الآيات والأخبار.
الثاني : أن يعود الضمير إلى الذنب أو الخطإ المفهوم من السياق لا إلى الكفر.
الثالث : عود الضمير إلى التكفير لا إلى الكفر ، يعني تكفيره لأخيه تكفير لنفسه ، لأنه لما كفر مؤمنا فكأنه كفر نفسه ، وأورد عليه أن التكفير حينئذ غير مختص بأحدهما لتعلقه بهما جميعا ، ولا يخفى ما فيه وفي الثاني من التكلف.
الرابع : ما قيل : أن الضمير يعود إلى الكفر الحقيقي لأن القاتل اعتقد أن ما عليه المقول له من الإيمان كفر « فقد كفر » لقوله تعالى : « وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ » (١) ويرد عليه أن القائل بكفر أخيه لم يجعل الإيمان كفرا بل أثبت له بدل الإيمان كفرا توبيخا وتغيرا له بترك الإيمان ، وأخذ الكفر بدلا منه ، وبينهما بون بعيد ، نعم يمكن تخصيصه بما إذا كان سبب التكفير اعتقاده بشيء من أصول الدين ، الذي يصير إنكاره سببا للكفر باعتقاد القائل كما إذا كفر عالم قائل بالاختيار عالما آخر قائلا بالجبر ، أو كفر قائل بالحدوث قائلا بالقدم ، أو قائل بالمعاد الجسماني منكرا له ، وأمثال ذلك ، وهذا وجه وجيه وإن كان في التخصيص بعد.
__________________
(١) سورة المائدة : ٥٠.