وصدق عبد الرحمان بن عوف وذلك ان مالك لأبيك كان رسول الله يأخذ من فدك قوتكم ويقسم الباقي في سبيل الله فما تصنعين بها؟ قالت اصنع بها كما يصنع بها أبي ، قال : فلك على الله ان اصنع كما يصنع بها ابوك ، قالت : الله لتفعلن ، قال : الله لأفعلن ، قالت : اللهم اشهد. وكان ابو بكر يأخذ عليها فيدفع اليهم منها ما يكفيهم ويقسم الباقي وكان عمر كذلك ثم كان عثمان كذلك ثم كان علي كذلك (١).
لقد اقبلت فاطمة في لمةٍ من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها ، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) حتى دخلت على ابي بكر وقد حشد الناس من المهاجرين والانصار ، فضرب بينها وبينهم ربطة بيضاء ، ثم أنَّت انّه اجهش لها القوم بالبكاء ، ثم امهلت طويلاً حتى سكتوا فخطبت خطبة طويلة جداً قالت في آخرها :
(لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم ، حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ، فان تعزوه تجدوه ابي دون ابائكم ، وآخا ابن عمي دون رجالكم) ثم ذكرت كلاماً طويلاً في آخره : (ثم انكم الان تزعمون ان لا ارث لي افحكم الجاهلية تبغون؟ ومن احسن من الله حكماً لقوم يتقون ايه معاشر المسلمين ابتز ارث ابي ـ ابى الله ان ترث ياابن ابي قحافة اباك ولا ارث ابي ، لقد جئت امراً فريا. افعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم ، اذ يقول : « وورث سليمان داود ». وفي خبر يحيى بن زكريا عليهماالسلام. اذ يقول : « رب هب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث
__________________
(١) المصدر السابق / ص ٥٨.
(٢) اعلام النساء / عمر رضا كحاله / ج ٤ / ص ١١٦ و ١١٧.