لهم من دونها سترا » فيه قولان : الاول أنه شاطئ بحر لاجبل ولا شئ يمنع من وقوع شعاع الشمس عليهم ، فلهذا السبب إذا طلعت الشمس دخلوا في أسراب وأغلة في الارض أو غاصوا في الماء فيكون عند طلوع الشمس يتعذر عليهم التصرف في المعاش ، وعند غروبها يشتغلون بتحصيل مهمات المعاش ، وحالهم بالضد من أحوال سائر الخلق.
والقول الثانى : أن معناه لاثياب لهم ويكونون كسائر الحيوانات عراة أبدا وفي كتب الهيئة أن حال أكثر الزنج كذلك ، وحال كل من سكن البلاد القريبة من خط الاستواء كذلك ، وذكر في كتب التفسير أن بعضهم قال : سافرت حتى جاوت الصين فسألت عن هؤلاء القوم فقيل : بينك وبينهم مسيرة يوم وليلة ، فبلغتهم وإذا أحدهم يفرش إحدى اذنيه ويلبس الاخرى ، فلما قرب طلوع الشمس سمعت صوتا كيهئة الصلصلة فغشي علي ثم أفقت فلما طلعت الشمس إذا هي فوق الماء كهيئة الزيت فأدخلوا في سربالهم (١) ، فلما ارتفع النهار جعلوا يصطادون السمك ويطرحونه في الشمس فينضج (٢).
« كل في فلك » أي كل منهما أو مع النجوم بقرينة الجمع في فلك واحد أو كل واحد منهما أو منها في فلك عليحدة « يسبحون » أي يجرون. قال الرازي : لايجوز أن يقول كل في فلك يسبحون إلا ويدخل في الكلام مع الشمس والقمر النجوم ليثبت معنى الجمع والكل (٣). ثم قال : الفلك في كلام العرب كل شئ دائر « وجمعه أفلاك » واختلف العقلاء فيه فقال بعضهم : الفلك ليس بجسم وإنما هو مدار هذه النجوم ، وهو قول الضحاك ، وقال الاكثرون بل هي أجسام تدور النجوم عليها وهذا أقرب إلى ظاهر القرآن ، ثم اختلفوا في كيفيته فقال بعضهم : الفلك موج مكفوف تجري الشمس والقمر والنجوم فيه ، وقال الكلبي : ماء
____________________
(١) السربال : القميص او كل ما يلبس.
(٢) مفاتيح الغيب : ج ٥ ، ص ٧٥٥ ، نقلا بالمعنى.
(٣) في المصدر : ومعنى الكل.