٦
(باب)
* (سدرة المنتهى ومعنى عليين وسجين) *
الآيات :
النجم : ولقد رآه نزلة اخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة الماوى *
____________________
الذى في تلك المرتبة هى التى تحجب ذلك الشئ من الوصول إلى المرتبة العالية وإدراك مالها من الكمال والعظمة فاذا خرج الشئ عن هذه الحدود وخلع تلك القيود أمكنه الترقى إلى درجة ما فوقه فيرى عندئد ذاته متعلقة به غير مستقلة عنه ويعرف ماله من البهاء والشرف والكمال والعظمة ، فتلك الحدود هى الحاجبة عن حقيقة الوجود المطلقة عن كل قيد فالنفس الوالهة إلى اللذائذ المادية هى المتوغلة في ظلمات الحدود وغواشى القيود ، وهى ابعد النفوس عن الحق تعالى ، فكلما انخلعت من القيود المادية وقطعت تعلقها عن زخارف هذه الدنيا الدنية اقتربت من عالم النور والسرور والبهاء والحبور ، حتى تتجرد تجردا ساميا فتشاهد نفسها جوهرا مجردا عن المادة والصورة وعند ذلك خرجت عن الحجب الظلمانية ، وهى حقيقة الذنوب والمعاصى والاخلاق الذميمة ، ورأسها حب الدنيا والاخلاد إلى أرض الطبيعة ، وقد روى الفريقان عن النبى صلى الله عليه وآله « حب الدنيا رأس كل خطيئة » لكنها بعد محتجبة بالحجب النورانية وهى ألطف وأرق ولذا كان تشخيصها أصعب ، ومعرفتها إلى الدقة والحذاقة أحوج ، فرب سالك في هذه المسالك لما شاهد بعض المراتب الدانية زعم أنه وصل إلى أقصى الكمالات وأرفع الدرجات ، وصار ذلك سببا لتوقفه في تلك المرتبة واحتجابه بها ، ونعم ماقيل :
رق الزجاج ورقت الخمر |
|
فتشابها وتشابه الامر |
فكأنها خمر ولا قدح |
|
وكأنها قدح ولا خمر |
فمن شمله عناية الحق وساعده التوفيق فخصه الله بعبادته ، وهيم قلبه لارادته ، وفرغ فؤاده لمحبته ، وأزال محبة الاغيار عن قلبه ، وأشرق له نوره ، وكشف له سبحات وجهه ، ورفع عنه حجب كبريائه وسرادقات عزه وجلاله ، وتجلى له في سره ، ثم وفقه للاستقامة في أمره والتمكن في مقامه فارتفع عنه كل حجاب ، وتعلق بعز قدس رب الارباب فقد هنأ عيشه وطاب حياته